في شمال سوريا، وتحديدًا في إدلب، تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير نتيجة التصعيد العسكري المستمر من قبل قوات النظام، مما أدى إلى موجة جديدة من النزوح. تروي المسنة السورية بشرى المحمد قصتها الشخصية، حيث اضطرت وعائلتها لمغادرة مخيمهم بالقرب من قرية شنان بسبب القصف العنيف الذي يستهدف المساكن والأراضي الزراعية. يُعد هذا النزوح الثاني لها، حيث كانت قد فرّت سابقًا من ريف حماة قبل 13 عامًا، لتجد نفسها مجددًا في مصير غير مؤكد.

بحسب مدير “منسقو استجابة سوريا”، تُظهر الإحصائيات أن العدد الإجمالي للنازحين قد تجاوز 6277 شخصًا خلال 48 ساعة فقط، مع وجود نسبة 81% من الأطفال والنساء في هذه الأعداد. شهدت مناطق ريف إدلب الغربي والشرقي والجنوبي ومناطق ريف حلب تحركات نزوح مكثفة بعد تصعيد القوات العسكرية، حيث اضطر الناس للبحث عن ملاذات أكثر أمانًا بعيدًا عن القصف المتواصل.

تجلى أثر هذا التصعيد على أكثر من 55 ألف شخص من سكان القرى المجاورة، حيث فرّ معظمهم نحو مناطق أقل تعرضًا للخطر، مثل بلدات “أطمه” و”حارم” القريبة من الحدود التركية. قامت حكومة الإنقاذ بتحضير مراكز إيواء طارئة لاستقبال العائلات النازحة وتزويدهم بالاحتياجات الأساسية. ورغم هذه الجهود، يواجه أغلب النازحين مصاعب كبيرة في تأمين احتياجاتهم الأساسية نظرًا لارتفاع نسب الاستجابة الإنسانية التي لم تتجاوز 37%.

من جهة أخرى، رصد النقيب المنشق أمين بلحس تزايد قصف قوات النظام وروسيا للمدنيين، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين روسيا وتركيا في مارس 2020. هذا القصف، الذي تميز باستخدام الطائرات المسيّرة الانتحارية، استهدف بشكل خاص السيارات المدنية في القرى القريبة من الجبهات. كما حذر من خطر استمرار هذه الهجمات، التي قد تزيد من أعداد النازحين وتؤزم الوضع الإنساني في المخيمات التي تعاني أصلاً من كثافة سكانية مرتفعة.

أحمد البكور، أحد سكان جبل الزاوية، ذكر أنه نتيجة التصعيد المستمر، فقد حُرم المواطنون من جني محصول الزيتون، الذي يعد مصدر رزق رئيسي لهم. وتظهر هذه الظروف الصعبة الاختيار المصيري بين مواجهة الخطر أو محاولة جني المحصول، حيث يجد الجيران والمزارعون أنفسهم أمام دمار ممتلكاتهم والتهديد الدائم بالقصف. يبرز حسين الحسين، الذي لجأ إلى مخيمات ريف إدلب الشمالي، المخاطر المتزايدة التي ترافق حركة النازحين في ظل الظروف الإنسانية الضاغطة التي تواجههم.

أمام هذه التحديات الكبيرة، يناشد النازحون المنظمات الإنسانية للمساعدة في تخفيف المعاناة التي يعيشونها، وخاصة مع بداية فصل الشتاء وتغير الظروف المناخية. في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية ونقص المساعدات الأساسية، يبدو أن الاستجابة اللازمة من قبل المجتمع الدولي لم تتماشى مع الاحتياجات المتزايدة للنازحين، مما يزيد من تعقيد الوضع ويهدد حياة الآلاف.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version