في خطوة تُعتبر سياسية بامتياز، أقرّ البرلمان الإسرائيلي مؤخرًا قانونًا يحظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” داخل أراضي إسرائيل، حيث حصل على تأييد 92 عضوًا ومعارضة 10 أعضاء. تأتي هذه الخطوة في ظل تاريخ طويل من استهداف الوكالة ومحاولات تصفيتها، ويعتبر الكثيرون أن السنوات الماضية، لا سيما منذ اتفاقية أوسلو في عام 1993، شهدت تداعيات كبيرة على وجود الأونروا ودورها في تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين.
ويشير مدير مركز بديل، نضال العزّة، إلى أن الحملة ضد الأونروا قد بدأت تتزايد بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وأصبحت من القضايا الأساسية التي تناقش في مؤتمر “هرتسيليا” منذ عام 2000، موضحًا أن هذه اللقاءات تناولت آليات تصفية الوكالة بشكل دوري. قد تكون اللحظة الفارقة في هذا السياق هي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما أدى إلى تفاقم الجهود الرامية لتقويض وجود الأونروا.
من خلال هذه الحملات، كما يشرح العزّة، جرى التشكيك في كفاءة الأونروا وأدائها، إلى جانب اتهامها بالتحريض والإرهاب، مما أدى إلى التفكير في نقل صلاحياتها إلى مؤسسات غير الأممية، وهو ما يُعتبر خطوة لتصفية القضية الفلسطينية. ويتوقع العزّة أن يؤثر إنهاء عمل الأونروا بشكل كبير على الخدمات الأساسية التي يحتاجها اللاجئون الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، خاصة أن الوكالة تعتبر الجهة الوحيدة القادرة على التعامل بشكل فعّال مع قضاياهم.
أما المحلل السياسي عمر عساف، فيعتبر أن قرار الكنيست الأخير يمثل نقطة تحول، قد تشمل تداعياته مناطق أخرى مثل الضفة الغربية. يدعو عساف إلى ضرورة تحرك عاجل لحماية حق العودة للاجئين الفلسطينيين ومواجهة التحديات المالية والسياسية المحتملة الناجمة عن القرار. كما أن هذا التشريع يعكس محاولة تهدف إلى إنهاء وجود المخيمات، ما يمثل إشارة واضحة نحو تصفية قضية اللجوء الفلسطيني برمتها.
وفي سياق التحريض ضد الوكالة، يُبرز أرييه كينغ، نائب رئيس بلدية الاحتلال، دور التحريض العلني الذي يمارسه ضد الأونروا، حيث دعا متابعيه للاحتفال بعد المصادقة على القانون بحجة القضاء على “قنبلة موقوتة” في المدينة. ويُعد كينغ واحدًا من أبرز الشخصيات التي تسعى إلى توجيه انتقادات مبنية على التحريض ضد الوكالة، محاولًا تبرير أعمال العنف والاقتحامات التي تعرضت لها.
تُقدّم الأونروا خدماتها لأكثر من 110 آلاف لاجئ فلسطيني في القدس، ويقع مقرها الرئيسي في حي الشيخ جرّاح، حيث يُشير العزّة إلى أن إزالة هذه الخدمات سيتسبب في نزع المسؤولية الدولية عن الفلسطينيين ويعزز السيادة الإسرائيلية بالكامل. وفي وقت تم الإعلان فيه عن خطط لمصادرة الأراضي المقام عليها مقر الوكالة، يُظهر هذا التحول النيابي قلقًا متزايدًا بشأن مستقبل الوجود الفلسطيني تحت الاحتلال.