على الرغم من الحماية المفترضة التي ينبغي أن يتمتع بها الصحفيون، استمر الجيش الإسرائيلي في استهداف الصحفيين الفلسطينيين بشكل متعمد خلال السنة الماضية من الحرب الضروس على قطاع غزة، وذلك وسط غياب فعلية للمجتمع الدولي. منذ بداية الأحداث في 7 أكتوبر 2023، أودت العمليات العسكرية الإسرائيلية بحياة 174 صحفياً فلسطينياً، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 190 آخرين، وتدمير 87 مؤسسة إعلامية، وفقاً لما ذكره إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. تؤكد هذه الأرقام أن هناك سياسة ممنهجة لاستهداف الصحفيين، مما يثير قلقاً كبيراً حول حرية الصحافة وتغطية الحقائق في المنطقة.

تحت غطاء الدعم الأمريكي، أسفرت الحملة الإسرائيلية على غزة عن مقتل وجرح أكثر من 138 ألف شخص، جلهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى فقدان أكثر من 10 آلاف شخص، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. وبالرغم من الإنذارات العديدة من الجمعيات الدولية والمجتمع المدني بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، استمرت الغارات الإسرائيلية دون توقف، متجاهلة بشكل صارخ قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، مما يخلق انطباعًا بوجود إفلات تام من العقاب.

تجلى حجم استهداف الصحفيين عبر التصريحات التي أدلى بها الثوابتة، حيث وصف الوضع بأنه “حرب إبادة جماعية”، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتعمد قتل الصحفيين وإخفاء الحقائق عن جرائمه. كشف أيضاً عن اعتقال 36 صحفيًا، بينما لا يزال 32 منهم قيد الاعتقال، مما يعكس حجم الضغوط التي يواجهها الإعلام في ظل الصراع. ورغم كل هذه التحديات، تمكن الصحفيون الفلسطينيون من إيصال صوتهم ورسالة قضيتهم إلى العالم.

ومع استمرار القتال، حذرت مؤسسات حقوقية محلية ودولية من هجمات الجيش الإسرائيلي على الصحفيين، الذين لا يزالون يرتدون سترات الصحافة والخوذ رغم تحذيرات منظمات دولية عديدة. في ظل هذا الضغط، دعا فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا، الصحفيين الدوليين لدعم زملائهم في غزة والسماح لهم بنقل الحقيقة كما هي، مشيداً بشجاعتهم وتصميمهم على كشف الواقع القاسي رغم المخاطر التي يتعرضون لها.

المعاناة اليومية للصحفيين في غزة تبرز من خلال تجاربهم الشخصية، مثل تجربة الصحفي محمد الزعانين الذي يتحدث عن الخوف الذي يرافقه عند تغطيته للجرائم الإسرائيلية. فرغم عودته للعمل بعد أن أصيب، إلا أن الواقع الأليم للنزوح والدمار يجعله يشعر بالتوتر المستمر. كما يعبر زملاؤه مثل غازي العالول، عن معاناتهم كأفراد أسرة يجب عليهم توفير الحماية لعائلاتهم، وذلك في ظل ظروف حرب مستمرة تجعل كل فرد في المجتمع الفلسطيني، سواء كان صحفيًا أو طبيبًا، هدفًا لهجوم الاحتلال.

في ختام الأمر، يظل الصحفيون الفلسطينيون يعملون تحت ضغط كبير ويواجهون تحديات جمة، لكنهم يتمسكون بمسؤولياتهم في نقل الحقيقة وإيصال رسالة شعبهم. التضحيات التي يقدمها هؤلاء الصحفيون والكفاح المستمر الذي يبذلونه يبقيان يسلطان الضوء على الأزمة الإنسانية المأساوية التي تمر بها غزة، ويدعوان إلى ضرورة استجابة العالم للأحداث الجارية والضغط على الاحتلال لإنهاء هذا القتال والاعتداءات المستمرة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version