|

يكشف تحقيق مشترك أجرته صحيفة “لوموند” ومنظمة “Forbidden Stories” وشركاء إعلاميون عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها مجموعة فاغنر الروسية ضد المدنيين قبل مغادرتها مالي، وتشمل هذه الانتهاكات الاعتقالات التعسفية والاحتجاز السري والتعذيب، الذي أدى في بعض الحالات إلى الوفاة.

ويؤكد أن مدنيين، وغالباً من الفولان أو الطوارق وهي مجتمعات مرتبطة أكثر من غيرها بالجهاديين أو المقاتلين الانفصاليين، تم توقيفهم دون مذكرة قضائية، ثم تعرضوا للتعذيب على يد فاغنر في المعسكرات العسكرية المالية.

ويستعرض التحقيق شهادات مروعة لضحايا مثل “نومى”، وهو تاجر من قبيلة الفولاني في الخمسينيات من عمره، تم اعتقاله في قريته تولى في 31 يوليو/تموز 2024، وقد عُذب عذابا شديدا، بما في ذلك الخنق بالماء والحرق، وشاهد 5 رجال يذبحون أمامه.

وقد تم إطلاق سراحه بعد 4 أيام، لكنه لا يزال يعاني من صدمة عميقة، ويعيش “نومى” الآن لاجئا في موريتانيا، مثل عشرات الآلاف من الماليين الذين فروا من العنف.

مقاتلون طوارق إلى جوار مدرعة مدمرة استولوا عليها من قوات فاغنر الروسية في شمال مالي (رويترز)

ويكشف التحقيق عن وجود ما لا يقل عن 6 قواعد للجيش المالي (بافو، كيدال، نامبالا، نيافونكي، سيفاري، وسوفارا) حيث قامت فاغنر باحتجاز المدنيين بشكل غير قانوني منذ أوائل عام 2022. بعض هذه القواعد كان في السابق مخيمات لبعثة الأمم المتحدة في مالي، واستولى عليها الجيش المالي وفاغنر بعد انسحاب الأمم المتحدة في عام 2023. وثمة معلومات أن فاغنر تستخدم المخابئ ومستودعات الذخيرة القديمة لاحتجاز واستجواب المدنيين.

ويصف التحقيق أنماطًا متكررة من التعذيب، بما فيها الضرب بالعصي والكابلات الكهربائية والإغراق الوهمي والحرق والحرمان من الطعام والماء، ويذكر أن المعتقلين كانوا يُضربون “كما يضرب الكلاب”، وكانت الموسيقى تُشغل بصوت عالٍ لإخفاء صرخات المعتقلين.

ويبرز أن فاغنر، خلال فترة وجودها في مالي (ديسمبر/كانون الأول 2021-يونيو/حزيران 2025)، ارتكبت فظائع لا حصر لها، بما في ذلك عمليات الإعدام بالرصاص والإحراق وقطع الرؤوس، ويقدر أن المئات من الماليين، وخاصة من مجتمعات الفولان والطوارق، قد قتلوا على يد عناصر فاغنر.

ويوضح أن فاغنر كانت تجري عملياتها في استقلالية، وتعتقل الأشخاص في الميدان دون تدخل من القوات المسلحة المالية، كما يكشف عن قيام هؤلاء المرتزقة الروس بابتزاز المدنيين ومصادرة الأموال والمجوهرات، واحتجاز بعضهم مقابل فدية تصل أحيانا إلى 5 ملايين فرنك أفريقي (نحو 7600 يورو)، وأحيانا يقومون بتصفية الأغنياء لسرقة ممتلكاتهم مباشرة.

ويختتم التحقيق بشهادات أخرى لضحايا مثل “وانغرين” و”إسماعيل”، اللذين تعرضا لتعذيب وحشي واحتجاز في ظروف لا إنسانية. كما يشير إلى حوادث إطلاق نار على السجناء بعد إطلاق سراحهم، مما يشير إلى أن فاغنر كانت تستخدمهم كـ “صيد بشري” أو للتدريب على الرماية.

ولفتت لوموند في آخر التحقيق إلى أن السلطات المالية والروسية لم تستجيبا لطلبات التعليق على ما توصلت إليه الصحيفة وشركاؤها، وما ألقوا عليه الضوء من انتهاكات خطِرة لحقوق الإنسان ارتكبتها مجموعة فاغنر في مالي، وأدت إلى نزوح جماعي للسكان وتصاعد العنف في البلاد.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.