في أول زيارة له منذ بدء النزاع في السودان، أجرى وفد من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مشاورات مع مسؤولين سودانيين في بورتسودان، بهدف تفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد. كما من المتوقع وصول المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيريلو، لإنعاش عملية السلام المتعثرة. زيارة الوفد الأفريقي تأتي بعد تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن في أكتوبر الجاري، ويضم الوفد وزراء وسفراء بارزين من الدول الأفريقية. وقد أجرى الوفد مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح البرهان ومسؤولين آخرين، في خطوة تهدف إلى معالجة الأزمة السياسية والأمنية في السودان.
وأوضح مصدر حكومي أن الوفد الأفريقي قدم خريطة طريق لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، والتي تم تعليقها منذ 2012، تشمل وقف إطلاق النار وتنفيذ خطوات نحو مرحلة انتقالية جديدة. كما أكد الوفد رفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين. من جانبه، أعرب البرهان عن اعتقاده بأن توصيف الاتحاد الأفريقي لما حدث في 2021 بأنه انقلاب غير دقيق، مؤكداً أن السودان يواجه استعماراً جديداً من قبل “مليشيات متمردة” وأجانب. وأبرز البرهان رفضه للسيطرة الخارجية على البلاد، مشيراً إلى وجود قوى سياسية تسعى للعودة إلى الحكم دون اعتبار لحقوق المدنيين.
وانصب الاجتماع على أهمية دور الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة السودانية، مع التأكيد على ضرورة إيجاد البيئة المناسبة لاستعادة العضوية. وقد بين رئيس الوفد الأفريقي أنه لا يمكن أن تبقى عضوية السودان مجمدة في ظل الأوضاع الحالية، كما أكد السفير محمد جاد على أهمية إحلال السلام ووقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، يرى بعض الباحثين أن تراجع دور الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة ناجم عن التعجل في تعليق العضوية والاستجابة للضغوط الخارجية.
في سياق موازٍ، بدأ المبعوث الأمريكي توم بيريلو زيارة لإفريقيا لإجراء محادثات دبلوماسية مع القادة السودانيين والتشديد على استئناف العملية السياسية في السودان. وقد عانت الجهود الأمريكية من التعثر بسبب عدم مشاركة الحكومة السودانية في الاجتماعات السابقة، والتي كانت قد اقتصرت على تسهيل المساعدات الإنسانية. وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإن بيريلو يسعى لإعداد قوات لحماية المدنيين في السودان، مما يعكس رغبة واشنطن في تحقيق تقدم نحو حل الأزمة.
وفي إطار دعم الجهود الأمريكية، يرى بعض المحللين أن زيارة بيريلو قد تساهم في فتح قنوات جديدة للتفاوض، خصوصًا بعد تأكيدات بالاجتماع مع البرهان قبل موعدين هامين في بورتسودان. ومع ذلك، تبقى العديد من التحديات قائمة، فقد تظهر صراعات مركزية بين الحكومة السودانية وملتزمين من القوى الإقليمية الأخرى بشأن رؤية الوضع الراهن. ويتوجب تحقيق توافق لاستيعاب آراء جميع الأطراف بخصوص تنفيذ “إعلان جدة” بنجاح.
ولا يتوقع بعض الخبراء تحقيق اختراقات كبيرة خلال زيارة بيريلو، مشيرين إلى أن السودان قد يسعى لإدارة العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل لا يضعه في مواجهة معها، في ظل تحركاته نحو الشرق. الحكومة السودانية تتعامل بشك مع مواقف واشنطن التي تُظهر الانحياز لقوى تدعم “الدعم السريع”، مما يجعل إدارة المفاوضات معقدة. كما أن الوضع العسكري والضغط السياسي قد يدفع الحكومة لتقديم تنازلات، مما يعكس الحالة المعقدة للأزمة في السودان وتعدد الأطراف المعنية فيها.