تناول مقال في صحيفة تايمز التاريخ الطويل للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، والذي تميز باستخدام قنوات اتصال سرية لتسوية الخلافات وتجنب الصراعات. وقد أشار المقال إلى أن أحدث مثال على ذلك هو إبلاغ إيران لأميركا بنواياها لقصف إسرائيل، مما يؤكد أهمية هذه القنوات في تخفيف التوترات بين البلدين مع الحفاظ على مكانتهما الدولية. تبرز المقالة بقلم كاثرين فيليب التطورات والتغيرات التي طرأت على العلاقات بين الطرفين عبر العقود، مما يدل على تعقيد العلاقة التي تجمعهما.

بدأت القنوات السرية عام 1980 بعد قطع الولايات المتحدة علاقاتها بإيران في أعقاب الثورة الإيرانية، حيث تأسست القناة السويسرية كوسيط بين البلدين. وقد استخدمت الولايات المتحدة هذه القناة بعد هجمات 11 سبتمبر لتأمين اتفاق مع إيران يقضي بدعم طهران للقوات الأميركية في أفغانستان، مما يعكس كيفية استخدام هذه القنوات لتجنب التصعيد في الأوقات الحرجة. وفي عام 2003، اقترحت إيران إجراء محادثات شاملة ولكن إدارة بوش نفت الجدية الإيرانية، وهو ما يمثل إحدى محطات التعقيد في هذه العلاقة.

استمرت هذه المحادثات حتى عام 2013، حين شهدت العلاقات تحسناً ملحوظاً خلال مفاوضات الاتفاق النووي. وقد علقت ويندي شيرمان، كبيرة المفاوضين الأميركيين، على اللقاءات التي جرت مع الإيرانيين، مشددة على أهمية التواصل المباشر، إذ ساهم ذلك في تعزيز الثقة بين الطرفين. كانت التفاصيل البسيطة مثل تبادل الصور الشخصية تعكس انتهاء الفجوة النفسية بين المفاوضين، لكن التقدم المحقق انهار عندما قرر الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في عام 2018.

أشارت المقالة إلى التوترات المتجددة بعد انسحاب ترامب، لكن القناة السويسرية استمرت في عملها كوسيلة للتواصل بين الدولتين. بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، استخدمت إدارة ترامب القناة لإرسال تحذيرات لطهران، مما أتاح التنسيق لتفادي تصعيد الأزمة، بحيث انتهت الأحداث بهجوم إيراني محدود على المنشآت الأميركية. هذه الديناميكية توضح كيف يمكن لقنوات التواصل السرية أن تلعب دورًا حاسمًا في تجنب الأزمات الكبرى.

وفي عام 2023، تم ذكر الوساطة القطرية كبديل عن القناة السويسرية في محادثات إطلاق سراح الرهائن الأميركيين المحبوسين في إيران، مما يعكس التحولات المستمرة في الدبلوماسية وتأثير الأطراف الثالثة. هذا يظهر كيف أن النهج التقليدي لم يعد كافيًا في عصر التغيرات السريعة والذي يتطلب تكامل أساليب جديدة في التعامل مع القضايا الشائكة.

ختامًا، تلعب هذه القنوات الخلفية دورًا حيويًا في إدارة العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وإيران، إذ توفر مساحة للتواصل في غياب الحواجز السياسية أو المواقف العلنية. وقد أظهرت الأحداث التاريخية أهمية هذا النوع من الدبلوماسية السرية في تقليل فرص التصعيد وزيادة الثقة، مما يبرز ضرورة الاستمرار في تطوير هذه الآليات في ظل القضايا العديدة التي تواجهها هذه العلاقة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version