القدس المحتلة – دخلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى، تحسباً لعودة فصائل المقاومة الفلسطينية لتنفيذ عمليات استشهادية ومسلحة، تصادف الذكرى السنوية الأولى لعملية “طوفان الأقصى”، التي تتزامن مع عدة أعياد يهودية في أكتوبر، بدءاً من عيد “رأس السنة العبرية”. وقد زادت المخاوف بعد تصاعد حدة العمليات المقاومة في الضفة منذ 7 أكتوبر 2023، إذ أحبط جهاز الأمن العام “الشاباك” بالتعاون مع الشرطة الإسرائيلية أكثر من 1200 عملية، معظمها عمليات إطلاق نار ومحاولات لزرع عبوات ناسفة، وهو ضعف عدد العمليات التي أُحبطت في العام السابق قبل اندلاع الحرب على غزة. هذه المعطيات تكشف عن تزايد الجرأة ونوعية العمليات في الضفة الغربية، حيث تواصل الفصائل الفلسطينية تنفيذ هجمات ضد الأهداف الإسرائيلية.
وفي مواجهة هذه التحديات، اتخذت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تدابير مشددة، حيث تلقت الشرطة ما يزيد عن 60 إنذاراً تحذيرياً بشأن احتمال تنفيذ عمليات داخل المدن. وقد تم نشر أكثر من 5000 شرطي في المدن الكبرى والأسواق التجارية، مع استنفار قوات أخرى في القدس وتل أبيب. كما ينشط جهاز “الشاباك” في محاربة “التحريض على الإرهاب” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تنفيذ اعتقالات استباقية لإحباط أي خطط محتملة. تأتي هذه الإجراءات بعد سلسلة من العمليات المسلحة، بما في ذلك الهجوم في محطة القطار الخفيف في يافا الذي أدى إلى مقتل 7 إسرائيليين، ويشكل ذلك تصعيدًا ملحوظًا في أعمال العنف.
وتشير التقييمات الاستخباراتية الإسرائيلية إلى تصاعد التوتر الأمني والاجتماعي في الضفة، مع توقعات بعودة العمليات الاستشهادية بشكل منتظم، مما قد ينذر بانتفاضة جديدة. وفي هذا السياق، يرى المحللون العسكريون أن العمليات الحالية تختلف عن الانتفاضات السابقة، حيث تتسم بالتطور التدريجي والاحتواء على عناصر جديدة في كل جولة تصعيد. تزايدت الدافعية لدى الشباب الفلسطيني، ويعزى ذلك إلى الحرب في غزة، مما يزيد من محفزات تنفيذ العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ولقد رصد المسؤولون السابقون في “الشاباك” عدم تفاجئهم من الهجمات الأخيرة، مشيرين إلى أن العمليات الكلاسيكية التي شهدتها المناطق الحضرية هي نتاج لزيادة النشاط المسلح لفصائل المقاومة. ويعتقد دورون ماتسا، الخبير في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني، أن تحركات المقاومة قد تتوسع إلى مستويات أكثر تعقيدًا من النوع الذي شهدته الانتفاضة الثانية، مع بروز خطوط التواصل بين الفصائل في الضفة وغزة.
تفاعلت بين مختلف الفصائل الفلسطينية، مما يعكس تزايد التحديات أمام القوات الإسرائيلية. وفيما يتعاظم الخطر الأمني، يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة، ولكن مستوى العنف والتوتر لا يتناقص بل في تصاعد. ويعتبر وجود بنى تحتية مسلحة في الضفة عاملاً مهماً، إذ تسعى الفصائل إلى تطوير قدراتها العملياتية لتكون قادرة على تنفيذ هجمات من نوع جديد، مما يهدد بزيادة تعقيد المشهد الأمني.
تشير التقديرات أيضاً إلى أن المقاومة الفلسطينية أصبحت أكثر خبرة وتنسيقًا، مما يزيد من خطورة الموقف بالنسبة لإسرائيل. مقاربة التعامل مع العوامل التي سحبت الفصائل الفلسطينية إلى الصراع المسلح تظهر أهمية التصدي للظروف الأمنية والاقتصادية التي تواجه الفلسطينيين، حيث يعتبر هؤلاء الشباب الذين يشاركون في المقاومة في المخيمات أكثر ارتباطًا بالأحداث التي تجري في غزة. وفي ظل هذا الوضع المتوتر، تظل التحديات قائمة أمام الأمن الإسرائيلي، مما يتطلب منهجية جديدة لمواجهة تصعيد العنف المحتمل.