صادقت اللجنة القانونية في البرلمان التركي على مشروع قانون موسوم بـ”التجسس التأثيري”، وهو مقترح طرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم ضمن حزمة تعديلات قضائية لمكافحة أنشطة الاستخبارات الأجنبية. يتضمن القانون عقوبات تتراوح بين 3 و7 سنوات على من يقوم بأبحاث عن المواطنين الأتراك لصالح جهات خارجية، ويُضاعف العقوبات في حالة ارتكاب هذه الجرائم أثناء الحروب أو التحضيرات لها. لكن القانون تلقى معارضة شديدة من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، الذي اعتبره أداة لقمع الحريات العامة ومعايير حقوق الإنسان.
يُتوقع أن يُعرض مشروع القانون على البرلمان في الأيام القليلة القادمة للمناقشة والمصادقة. ويشمل المشروع، إضافةً إلى عقوبات التجسس غير المباشر، إجراءات وقائية تهدف إلى تعزيز قدرات التحقيق والملاحقة القضائية لمواجهة التحديات الأمنية الحديثة. كما يتضمن عقوبات مُشددة على الأفراد الذين يعملون في وحدات ومرافق استراتيجية تُعتبر ذات أهمية أمنية وطنية، مما أثار المخاوف من استخدام هذه البنود ضد النشطاء والمعارضين.
يُعتبر مشروع القانون محل جدل واسع، حيث يرى فيه المعارضون تهديدًا للحريات العامة وحقوق الأفراد. فقد انتقدت نائب حزب السعادة، سراب يازجي أوزبودون، غموض بعض المواد وعدم وضوحها، مشيرةً إلى أن هذا الالتباس يعيق فهم القانون بشكل سليم. في حين عارض النائب سليمان بلبل من حزب الشعب الجمهوري مشروع القانون بحجة أنه يسهم في خلق “مناخ من الخوف” في المجتمع، محذرًا من توسيع مفهوم التجسس ليشمل أفعالًا قد لا تُعتبر جرائم.
أبدى بعض الخبراء القانونيين والصحفيين مخاوفهم من تأثير الغموض في صياغة القانون على حرية التعبير. وأكد محمد غونيس، عضو جمعية الصحفيين الأتراك، أن مشروع القانون يمثل تهديدًا للحريات الأساسية، خصوصًا في ظل غياب تعريفات دقيقة لمصطلحات القانون. كما يرى بعض الباحثين أن القوانين المشابهة في روسيا وجورجيا تمثل أجواء مشابهة للطريقة التي قد تُستخدم بها القوانين الجديدة في تركيا لقمع الأصوات المنتقدة.
ويعتبر وزير العدل التركي، يلماز تونتش، أن هناك مفاهيم خاطئة حول مشروع القانون، مشددًا على أن العقوبات ستُطبق على الأفراد الذين يرتكبون جرائم لمصلحة دول أو منظمات أجنبية. وقد أكد أن الحكومة تسعى لحماية الأمن القومي وليس لتقييد الحريات العامة. بينما يُظهر البعض من المسؤولين أهمية مشروع القانون في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية، مشددين على ضرورة حماية البلاد من اختراقات محتملة.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون “التجسس التأثيري” يحمل بُعدًا جليًا من التحديات القانونية والأخلاقية، وتتباين الآراء بشأنة بين مؤيد ومعارض، مما يجعل من نقاشه أمرًا حيويًا في الساحة السياسية والاجتماعية التركية. ويبدو أن تأثير هذا القانون قد يكون عميقًا على مستقبل الحريات وحقوق الأفراد في تركيا، ويثير تساؤلات بشأن كيفية استخدامه في سياقات مختلفة.