نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تقريراً مفصلاً عن التطورات العسكرية الصينية في جزيرة هاينان، الواقعة في بحر جنوب الصين. ووصفت الجزيرة بأنها “هاواي الصينية”، لما تمتاز به من طبيعة خلابة وشواطئ رملية، لكنها أصبحت الآن موقعًا لعدة منشآت عسكرية متطورة. تعد قاعدة يالون البحرية الشرقية ضمن هذه المنشآت، حيث تُعد موطنًا للمدمرات والغواصات الصينية النووية، وتقع على بعد 500 قدم من منتجع سياحي بارز. تكشف هذه التطورات عن استثمار الصين الضخم في تعزيز قوتها العسكرية في المحيط الهادئ، مما يثير تساؤلات حول المستقبل الجيوسياسي للمنطقة.

تتحدث الصحيفة عن تكلفة إنشاء هذه المنشآت، إذ أنفقت بكين أكثر من 50 مليار دولار لتطوير بنية تحتية عسكرية في هاينان وبحر جنوب الصين. هذا المبلغ يتجاوز ما أنفقته الولايات المتحدة على المنشآت العسكرية في هاواي، مما يشير إلى القلق المتزايد بشأن تصاعد القوة العسكرية الصينية. واحدة من أكثر القواعد أهمية هي قاعدة يولين البحرية الكبرى، التي تقدر قيمتها بأكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم يماثل قيمة قاعدة بيرل هاربر الأميركية. يكشف هذا الاستثمار الكبير عن نية الصين لتعزيز وجودها العسكري والدفاعي في منطقة تعتبر حيوية لاقتصادها.

كذلك أكد الأدميرال صامويل بابارو، قائد القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادي، أن هذه المنشآت تمثل تحديًا كبيرًا للمصالح الأميركية وحلفائها. ومع الرغم من عدم اعتقاد المسؤولين العسكريين الأميركيين بأن هناك خططًا فورية لهجوم صيني على الولايات المتحدة أو حلفائها، فإن حشد القوة العسكرية في بحر جنوب الصين يُعتبر تهديدًا للأمن الإقليمي. يبرز ذلك التوتر بين القوى العظمى كما يشير التقرير إلى أهمية مراقبة التطورات في هذه المنطقة.

تعتبر قاعدة يولين بمثابة المركز الرئيسي للوجود البحري الصيني، حيث تحتوي على منشآت ضرورية مثل حوض بناء السفن الخاص بحاملة الطائرات. تتضمن القاعدة كذلك بنية تحتية متطورة للإبحار في المياه العميقة، وهو ما يعكس تكاملًا عسكريًا متزايدًا. كما تساهم منشآت مثل الغواصات الباليستية وكهف الغواصات في تعزيز القدرة الاستراتيجية للصين في وجه أي تهديدات محتملة. تعكس هذه التفاصيل التخطيط الدقيق الذي يتضمنه تطوير هذه القواعد، لاستيفاء احتياجاتها العسكرية.

ومع استثمارات الصين في هذا المجال، فإن المتوافر من الموارد دعم فكرة عزمها على استغلال هذه البنية التحتية من أجل حماية مساراتها التجارية. حيث يُقدر أن التجارة التي تمر عبر هذه الممرات تمثل قيمتها نحو 7.4 تريليون دولار أميركي. كما تتواجد منشآت صاروخية وأخرى للدفاع في جزيرة هاينان، مما يزيد من القلق لدى الدول المجاورة مثل الفلبين وتايوان واليابان. ومع التحركات العسكرية المتزايدة، يبدو أن تصاعد التوترات سيؤثر سلبًا على الأمن الإقليمي، مما يتطلب استجابة من القوى المجاورة.

أخيرًا، يُشير التقرير إلى تداعيات عسكرة منطقة بحر جنوب الصين على التجارة العالمية، حيث أن الصراع في هذه المنطقة سيؤثر على ما يقرب من 30% من تجارة النفط العالمية. تظهر هذه الديناميكيات أن تحركات الصين ليست مجرد خطوات لتعزيز قوتها الفورية، بل أيضاً لإعادة تشكيل آليات التجارة والنفوذ العسكري في المنطقة. وبذلك، تتوجه الأنظار نحو الجهود التعاونية الممكنة بين القوى الإقليمية والدولية للحد من التوترات وتحقيق توازن في هذه المنطقة الاستراتيجية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.