أفادت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية بأن أيرلندا أصبحت مركزًا إستراتيجيًا لعمليات التجسس الروسية، خاصة بعد كشف النقاب عن وجود عميل روسي داخل البرلمان الأيرلندي. يُنظر إلى الموقع الجيوسياسي لأيرلندا، الذي يقع على الأطراف الغربية لأوروبا، كقاعدة جذابة للجواسيس الروس، حيث يسعون لتنفيذ عمليات سرية تستهدف المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتعتبر أيرلندا في نظر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بوابة خلفية لكل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي. لكن ظهور الجاسوس في البرلمان أثار قلقًا كبيرًا ودق ناقوس الخطر، وفتح باب الشكوك والاتهامات والمطالبات بإجراء تحقيقات.
بينما تم الكشف عن تجنيد أحد السياسيين في أيرلندا كعميل للمخابرات الروسية خلال مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، تغلبت دهشة هذا الاكتشاف على الساحة السياسية الأيرلندية. فقد سارعت بعض الشخصيات البرلمانية إلى نفي علاقتها بالعميل الملقب بـ”كوبالت”. وفي خضم هذه الأوضاع، عملت الحكومة الأيرلندية على تعزيز قدراتها الدفاعية بالتزامن مع اتساع نطاق التعاون مع الأطر الأمنية الأوروبية، مما يزيد من احتمالية استياء روسيا.
وفي إطار ردود الأفعال، أقر رئيس الوزراء الأيرلندي، سيمون هاريس، بوجود تهديدات من روسيا، وأشار إلى أن أنشطة التجسس قد زادت بشكل ملحوظ منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد أبدت السلطات المعنية مثل الشرطة وخدمات الأمن الوطنية في أيرلندا استعدادًا لمواجهة هذه التهديدات وتأكيد الجدية في التعامل معها. من جهة أخرى، وصف الأكاديمي نيل روبنسون طبيعة المصالح الروسية في أيرلندا بأنها مشابهة لمصالح العديد من الشركات المتعددة الجنسيات، حيث تُعتبر أيرلندا بوابة لدخول الشركات والتكنولوجيا إلى أوروبا.
في سياق متصل، رصدت الصحيفة وجود نشاط روسي متزايد في المجالات الجوية والبحرية والإلكترونية داخل أيرلندا، وهو ما يسبب إحراجاً للبلاد. فقد استخدمت الطائرات الروسية قاذفات عسكرية وطائرات دورية للتجسس في الأجواء الأيرلندية، مما يثير مخاوف بشأن رد فعل حلف شمال الأطلسي. وقد كانت هناك زيارات متكررة لسفن حربية روسية إلى المياه الأيرلندية، مما يضاعف من القلق الأوروبي بشأن تصاعد الأنشطة العسكرية الروسية في المنطقة دون تدخل مباشر.
إضافة إلى ذلك، برزت روابط جديدة بين روسيا والجماعات المتطرفة في أيرلندا، مما زاد من المخاوف الأمنية. فقد استضافت السفارة الروسية في دبلن وفدًا مرتبطًا بالجيش الجمهوري الأيرلندي، مما يعكس تزايد التعاون بين هذه الجماعات وموسكو. كما يلعب العملاء الروس دوراً مزدوجاً بين أوساط المجتمع الأيرلندي، ما يعزز قدرة روسيا على استخدام أيرلندا كمنصة لتنفيذ عمليات تجسس أوسع في أوربا وخارجها.
أخيرًا، أشارت الصحيفة إلى التهديد الروسي المحتمل لكابلات الألياف البصرية تحت البحر التي تنقل البيانات بين أوروبا وأمريكا الشمالية، مشددة على العواقب الجيوسياسية الكبيرة في حال تعرضت هذه الكابلات لهجوم أو حادث. فإن مثل هذه الأحداث يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في العلاقات الدولية وأمن المعلومات بين الدول، وهو ما يجعل أيرلندا في دائرة الاستهداف الروسية بشكل متزايد، مما يتطلب من الحكومة اتخاذ تدابير وقائية دائمة لمواجهة التهديدات.