تتزايد الإدانات في تونس إثر الحكم الذي صدر ضد نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، بالسجن لمدة عشر سنوات بتهم تتعلق بالتآمر وتدنيس هيئة الدولة. هذا الحكم أثار حفيظة العديد من المحامين والسياسيين الذين اعتبروا أن هناك انتهاكاً لحقوق البحيري في محاكمة عادلة، حيث أشاروا إلى أن ظروف المحاكمة لم تتماشى مع المعايير القانونية المتعارف عليها. هيئة الدفاع عن البحيري وصفت الحكم بالصادم، مشيرة إلى أن طول العقوبة هو سابقة تاريخية في المحاكمات السياسية، وهو ما يعكس تدهوراً في حالة حقوق الإنسان في البلاد.

تضاعف القلق بشأن هذا الحكم في ظل عدم وجود أدلة ملموسة تدعم التهم الموجهة إلى البحيري. ففي حين بررت السلطة القضائية الحكم بأنه اتخذ بناءً على تدوينة تعتبر اعتداء على هيئة الدولة، أكدت هيئة الدفاع أن تلك التدوينة “الوهمية” لم يتمكن أي طرف من إثبات وجودها. إذ قامت الهيئة بإجراء اختبارات فنية أثبتت عدم صحة التهم المنسوبة إلى البحيري، ما يعكس عدم مصداقية المسار القانوني الذي اتبع في هذه القضية. هذا الأمر يشير إلى عدم مراعاة أبسط معايير العدالة في المحاكمات السياسية.

من جهة أخرى، صرحت حركة النهضة بأن الحكم جاء في إطار قضية تتعلق بتدوينة غير حقيقية، حيث أكدت عدم تقديم النيابة أي دليل قاطع على أن البحيري كتب تلك التدوينة. وأعربت الحركة عن قلقها من تزايد أعمال الانتقام السياسي واستهداف المعارضين، مطالبة بالإفراج عن البحيري وبقية المعتقلين السياسيين والناشطين الذين تم توقيفهم بسبب آرائهم السياسية. إن هذه المطالبات تعكس جو الانقسام السياسي والتوتر المتزايد في البلاد، حيث تهمت الأطراف السياسية بعضها البعض بالاستغلال السيئ للسلطة.

وفي تطور آخر، واصلت هيئة الدفاع عن البحيري تأكيد أن المحاكمة كانت مليئة بالخروقات القانونية، إذ لم يتمكن المتهم من إنشاء دفاع فعال أمام المحكمة. تشدد المحامية منية بوعلي على أن ما تم تقديمه إلى المحكمة كان بعيداً عن العدالة، وعبرت عن تخوفها من مسار المحاكمات القادمة، في ظل السياق السياسي المضطرب. إن قضايا من هذا النوع لا تمثل فقط معركة فردية ضد الظلم، بل تشير إلى الاتجاه العام الذي تسير فيه المنظومة القضائية والسياسية في تونس.

تجدر الإشارة إلى أن الحكم على البحيري هو حكم ابتدائي، مما يعني أنه يمكن أن يتم الطعن فيه. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول مستقبل المناخ السياسي في تونس ومدى تأثير هذه الأحكام على الحريات العامة. إن محاكمة البحيري تشكل نقطة تحول في التعاطي مع الأحداث السياسية في تونس، خاصة بعد الثورة التي أطاحت بالنظام القديم. يظل المواطنون يراقبون عن كثب كيف ستتجه الأمور، وما إذا كان هناك تغيير فعلي في احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

في ختام الحديث، تمثل قضية نور الدين البحيري جرس إنذار للأطراف السياسية والمجتمع المدني في تونس. يجب أن تكون هذه القضية دافعًا للاجتماع حول قضايا العدالة والمساواة بدلاً من تعزيز الانقسام والصراع. وستظل قضايا حقوق الإنسان والحريات الأساسية في صميم النقاشات السياسية، بينما يسعى التونسيون لبناء مستقبل يعكس آمالهم وطموحاتهم في نظام ديمقراطي مشترك وعادل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.