تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل، شهد شمال قطاع غزة حركة نزوح جماعي لمئات الفلسطينيين، الذين تركوا مراكز الإيواء قرب المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، متجهين نحو مدينة غزة. قام النازحون، تحت ضغط القصف وتهديدات الاحتلال، بقطع مسافة 8 كيلومترات مشياً على الأقدام، وذلك بعد أن اقتحمت دبابات الاحتلال هذه المراكز واعتقلت العشرات من الشبان والرجال. كان الجيش الإسرائيلي قد أمر بالنزوح إلى جنوب قطاع غزة، إلا أن العديد من الفلسطينيين رفضوا هذا التوجيه، مؤكدين أن مغادرتهم إلى الجنوب تعني عدم العودة إلى الشمال، كما حدث مع النازحين السابقين.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي، يعاني المدنيون في شمال غزة من قصفٌ متواصل يستهدف المستشفيات المتبقية، بما في ذلك المستشفى الإندونيسي، الذي يعاني من حصار محكم وانقطاع في التيار الكهربائي. الغارات الجوية تسببت في تجريف المنازل وتدمير البنية التحتية، وتحولت سماء غزة إلى ساحة معارك، مما زاد من أعداد النازحين الذين فقدوا الأمل في العودة إلى منازلهم. تبرير جيش الاحتلال لهذه الانتهاكات كان دوماً بالحديث عن محاربة ما يسميه الإرهاب، بينما لا يزال المدنيون يدفعون الثمن الباهظ.
أصوات الهجمات وتعامل القوات الإسرائيلية خلقت مناخاً من الرعب والهلع لدى النساء والأطفال. وفاء الكفارنة، نازحة من المنطقة، تحدثت عن مشاعر الخوف التي عاشتها أثناء محاولتها النزوح، حيث كانت أصوات الرصاص والانفجارات تحيط بهم. وأكدت أن الجيش الإسرائيلي كان يتعامل معهم بشكل غير إنساني، حيث أجبر النازحين على الانتقال تحت تهديد السلاح، مما أدى إلى مشاهد مروعة من الذعر والفوضى.
تجلى جانب من هذا الرعب في حادثة الشابة إيمان وادي، التي تعرضت وعائلتها للاحتجاز والتنكيل على يد القوات الإسرائيلية أثناء نزوحهم. وبينما كانوا تحت التهديد، لقي بعض أفراد عائلتها القبض، مما تركهم في حالة من الخوف وعدم اليقين بشأن مصيرهم. الشهادات تتوالى من المدنيين الذين عاشوا تجارب مشابهة، حيث تعرضوا للاحتجاز والتعذيب من قبل الجنود الإسرائيليين، مما يعكس مدى الانتهاكات التي يعاني منها الفلسطينيون تحت القصف.
صورة الوضع الإنساني تتجلى من خلال مشاهد مروعة من الاعتقالات والتعذيب والهجمات العشوائية، حيث تم توثيق حالات تعرض المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، للتهديد والترهيب. الشهادات تشير بوضوح إلى استخدام القوات الإسرائيلية للعنف المفرط، ما يعكس سياسة التهجير والتفريغ السكاني التي تنتهجها. أما في ما يتعلق بالمفقودين، فلا زال الكثير من العائلات تبحث عن ذويهم المفقودين في خضم الفوضى والدمار.
مشاهد الفوضى تترافق مع سياق سياسي صعب، فإسرائيل تواصل مجازرها رغم التحذيرات الدولية وقرارات مجلس الأمن التي دعت إلى إنهاء الهجمات. الإبادة الجماعية أسفرت عن سقوط أعداد مهولة من الشهداء والجرحى، مع دمار هائل وفقدان للأمل. المتضررون من هذه الحروب هم المدنيون، الذين هم في أمس الحاجة إلى الأمان والمساعدة، بينما تواصل القوى الكبرى دعم النظام الإسرائيلي، مما يعقد من الوضع الإنساني ويرسخ من معاناة الشعب الفلسطيني.