في فجر السادس من فبراير/شباط 1959، استعد مصنع هندوستان للطائرات في بنغالور لاستقبال رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو، الذي كان متحمسًا لرؤية الطائرة الجديدة “ماروت”. ومن جهة أخرى، كان كورت تانك، المهندس الألماني الذي كلفناه بتصميم هذه المقاتلة، قد أظهر براعته التي اكتسبها من عمله في تصميم طائرات سلاح الجو الألماني. جاءت فكرة الطائرة “ماروت” كاستجابة لرغبة الهند في الحصول على مقاتلة نفاثة خاصة بها، خصوصًا في ظل التوتر مع باكستان. إلا أن العقبات كانت كبيرة، إذ عانت الهند من صعوبات في تطوير محرك الطائرة، وظلت مرتبطة بتقنيات أجنبية، مما أثر على أداء المقاتلة وجعل مشروع “ماروت” يفشل في أداء دوره العسكري الفعال.

فشل الطائرة “ماروت” في إظهار القدرة التنافسية مع بقية الطائرات المتطورة أدى إلى انتقادات كبيرة للحكومة الهندية، خاصة بعد التجارب النووية في عام 1974 التي زادت من العزلة الدولية حول الهند، مما زاد من صعوبة استيراد قطع الغيار والتقنيات اللازمة لتطوير الطائرات. وقد تزامن ذلك مع عدم وجود التنسيق بين العسكريين والسياسيين في البلاد، مما زاد من تعقيد الأمور وجعل البرنامج الدفاعي الهندي في موقف ضعيف.

بعد الفشل في حرب الصين عام 1962، بدأت الهند في البحث عن وسائل تسليح بديلة، مما دفعها للانفتاح على التعاون مع الولايات المتحدة، ومن ثم مع الاتحاد السوفياتي في فترة لاحقة. خلال الستينيات، سعت الهند للحصول على طائرات ميغ الروسية لتعزيز قوتها الجوية، مما جعلها تتجاوز سياستها المتمثلة في عدم الانحياز. هذه الفترة شهدت تصاعدًا في الشراء العسكري لمواجهة التهديدات الإقليمية، كما تطورت السياسة الخارجية الهندية بشكل تدريجي لتتوجه نحو براغماتية تهدف لدعم القدرات العسكرية ومن ثم التحالفات الدولية.

بحلول الألفية، أصبحت الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم، ولا تزال روسيا المورد الرئيسي، متجاوزة حصة الولايات المتحدة وفرنسا في السوق الدفاعي الهندي. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا في حصة الهند من الأسلحة الروسية بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية. بناءً على ذلك، سعت الهند إلى تنويع مصادرها من خلال تعزيز العلاقات العسكرية مع فرنسا والولايات المتحدة، التي كانت تهدف إلى دعم الهند في مواجهة التهديدات الصينية.

استجابة لتحولات السوق والتحديات الاستراتيجية، أطلقت الهند مبادرة “اصنع في الهند” بهدف تعزيز الصناعات الدفاعية المحلية وتخفيض الاعتماد على الخارج. هذه البرامج تهدف إلى بناء قاعدة قوية لصناعة الدفاع، مما يجعلان الهند تحقق طموحاتها في تصدير المعدات العسكرية. وقد أثبتت هذه المساعي نفسها، حيث زادت الهند من صادراتها الدفاعية بشكل كبير، وأصبحت قادرة على تحقيق شراكات تقنية، مثل إنتاج محركات الطائرات محليًا.

بينما تسعى الهند لرفع قدراتها الدفاعية وتحقيق التوازن في التصنيع المحلي، تواجه تحديات حقيقية تتعلق بجودة الإنتاج ومواكبة التكنولوجيا المتقدمة. تحتاج الهند إلى تحسين قاعدة صناعتها الدفاعية، وتكثيف جهودها لتوطين الإنتاج العالي الجودة للمركبات العسكرية والطائرات. رغم تحقيق بعض النجاحات، لا يزال هنالك طريق طويل يجب أن تسلكه الهند لتصبح قادرة على منافسة القوى العالمية الكبرى في الصناعات الدفاعية، خاصة في ظل النمو المتزايد لاقتصاديات القوة العسكرية العالمية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version