منذ فترة طويلة، يعاني المقدسيون من تهديدات الهدم الذاتي التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمثل أداة لتهجيرهم من مدينتهم التاريخية. فبلدية الاحتلال تستخدم أساليب متعددة للضغط على سكان القدس، حيث تحاصرهم بإنذارات وهدم المنازل. على سبيل المثال، تعرض عائلة الشاب وافي الطويل لهدم منازلهم، مما يجبرهم على هدم منازلهم بأيديهم لتجنب دفع الغرامات المرتفعة التي تفرضها البلدية في حالة استخدام جرافاتها. هذا يسلط الضوء على السياسة المتعمدة للتضييق على سكان القدس الأصليين لدفعهم للخروج من أراضيهم.
يستعرض وافي الطويل معاناته في إيجاد سكن بديل بعد هدم منزله. تكاليف الإيجارات في القدس مرتفعة جداً، مما يجعل البحث عن مسكن ملائماً تحدياً كبيراً له وللقاطنين الآخرين. عملية البحث عن منزل جديد تشكل عبئاً إضافياً على الأسر، حيث يضطر الكثير منهم للعيش في ظروف غير ملائمة. هذا الواقع يعكس طبيعة الحياة الصعبة التي يعيشها المقدسيون الذين يتجاوزون ضغط الاحتلال والقيود المفروضة عليهم.
من الواضح أن السلطات الاحتلالية لا تقدم أي دعم أو تسهيلات للمقدسيين الراغبين في بناء منازلهم. ففي الكثير من الحالات، يتم رفض الطلبات المقدمة للحصول على تراخيص بناء، مما يدفع المقدسيين للعيش في منازل غير شرعية مهددة بالهدم في أي وقت. هذا المنع من البناء ينذر بمزيد من المعاناة والتهجير للساكنين الأصليين، ويدل على السياسة الممنهجة التي تتبعها سلطات الاحتلال لاستنزاف روح المواطنين الأصليين.
ووفقاً لمعطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن عمليات الهدم شملت 172 منشأة منذ بداية العام، من بينها 92 منزلاً مأهولاً. هذه الأرقام تعكس مدى تفشي هذه الظاهرة وطبيعة السياسات القاسية التي يقاسيها المقدسيون. فنتيجة لهذه العمليات، تم تهجير 417 شخصاً، بينما تضرر أكثر من 35 ألفاً آخرين جراء عمليات الهدم. هذه الأرقام تأكد على تأثير السياسات الإسرائيلية بشكل سلبي على الحياة اليومية للمقدسيين.
الخسائر النفسية والمادية التي يواجهها المقدسيون جراء عمليات الهدم أمر لا يمكن تجاهله. فالهدم لا يعني فقط فقدان المأوى، بل يعني أيضاً فقدان الهوية والانتماء للمكان. المقدسيون يعيشون في حالة من القلق المستمر من عدم الاستقرار، ويتطلعون إلى حلول تساعدهم في الحفاظ على وجودهم في مدينتهم. الحلم بالسكن الملائم والأمان يمثل لهم أولوية، لكن السياسات الممنهجة تعرقل جهودهم وتزيد من معاناتهم.
في الختام، يواجه المقدسيون تحديات كبيرة نتيجة لسياسات الهدم والتضييق التي تفرضها سلطات الاحتلال. هذه السياسات لا تضر فقط بالمنازل بل تهدد النسيج الاجتماعي والثقافي للمدينة. بالتالي، يتطلب الأمر جهوداً متواصلة من المجتمع الدولي لدعم حقوق المقدسيين وحمايتهم من هذه الممارسات، واستعادة الأمل في مساحات حياتهم التي قد تكون مهددة.