واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات التهجير القسري للفلسطينيين في بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمال قطاع غزة، والتي تتعرض لحملة إبادة جماعية وتطهير عرقي منذ أكثر من شهر. ومع بزوغ صباح الثلاثاء، ألقَى جيش الاحتلال منشورات ورقية عبر الطائرات على المناطق والأحياء السكنية في بيت لاهيا، محذراً السكان بضرورة إخلاء منازلهم بشكل فوري. وقد تزامن هذا الأمر مع قصف مكثف وإطلاق نار عشوائي استهدف المنطقة، ما أجبر مئات الفلسطينيين على النزوح محملين بأمتعتهم القليلة. وترك الناس منازلهم وأماكن نزوحهم، فتوجهوا إلى مدينة غزة في حالة من الخوف وعدم اليقين.

الشهادات التي وردت من النازحين تعكس مأساة الوضع، حيث قالت إنسانة فلسطينية تدعى انتصار أبو دراغمة إن زوجها المريض توفي على أحد الحواجز الإسرائيلية خلال رحلة النزوح، بعد أن احتجزه الاحتلال ولم يسمح لطفليه بمرافقته إلى المستشفى. وأشارت إلى أن زوجها توفي بسبب شح المياه والطعام، وأن الاحتلال لم يحرك ساكناً لتقديم المساعدة. وبحسب الشهود، استشهد أيضاً مسنّان آخران أثناء احتجازهما لفترة طويلة تحت أشعة الشمس في منطقة شرقي جباليا، مما يعكس قسوة المعاملة التي تعرض لها النازحون على هذه الحواجز.

في سياق النزوح، أكد بعض الفلسطينيين أنهم خرجوا من منازلهم خائفين من الموت جراء القصف المتواصل. وقد أبدوا مخاوفهم من سياسة التهجير التي تتبعها إسرائيل، حيث اعتبروا أن الهدف منها هو إفراغ مناطقهم من السكان، تمهيداً لإعادة احتلالها. وأفاد النازحون بأنهم عاشوا لأكثر من شهر في ظروف إنسانية صعبة دون طعام أو شراب، في الوقت الذي شنت فيه إسرائيل حملة قصف غير مسبوقة على شمال القطاع بعد الخامس من أكتوبر الماضي، تحت شعار مكافحة حركة حماس، لكن الفلسطينيين يرون أن الهدف الحقيقي هو الاحتلال والترهيب.

لم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد فرض جيش الاحتلال حصاراً مشدداً على المحافظة، مانعاً دخول وخروج المدنيين، باستثناء النازحين الذين يجب عليهم المرور عبر حواجز يفحصون فيها. هذا الوضع زاد من تعقيدات الأزمة الإنسانية وهدد بإنهاء الخدمات الصحية في المنطقة، حيث توقف كلياً عمل سيارات الإسعاف والدفاع المدني، مما يعكس الأثر الكارثي الذي تسبب به هذا الحصار. ونظراً للطبيعة التعسفية لهذه الإجراءات، تضررت منظمات إنسانية مثل الهلال الأحمر الفلسطيني، مما زاد من معاناة السكان.

وسط هذه المعاناة، استمر التصعيد الإسرائيلي بدعمٍ أمريكي، مما أسفر عن مقتل نحو 146 ألف فلسطيني، الكثير منهم من الأطفال والنساء. إضافة إلى ذلك، فقد تم تسجيل أكثر من 10 آلاف مفقود، بينما تزداد معاناة السكان مع تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق. وقد كشف هذا التصعيد عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث يعاني الناجون من الجوع والافتقار للرعاية الصحية الأساسية.

في نهاية المطاف، تبقى آثار التهجير والدهشة قائمة في حناجر الفلسطينيين النازحين، بينما تحاول عائلاتهم التكيف مع الحياة في مدينة غزة أو في أي مكان آخر بعد أن تركوا خلفهم أحلامهم ومنازلهم. إن قصة النزوح هذه تعتبر دليلاً آخر على الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون في ظل الاحتلال، وتؤكد الحاجة الماسة لمؤازرة الدول لدعم حقوقهم ووقف الانتهاكات المستمرة التي لا تفرق بين طفل أو مسن.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version