في إطار تعزيز الصناعة العسكرية، قرر المغرب استحداث منطقتين صناعيتين عسكريتين، وهي خطوة تهدف إلى توطين هذه الصناعة وتحقيق استقلالية أكبر في مجال الدفاع. وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقية مع شركة “تاتا أدفانس سيستمز” الهندية لإنشاء مصنع لمعدات دفاعية في الدار البيضاء الكبرى. يعكس هذا التوجه الإرادة المغربية في تطوير صناعات عسكرية متقدمة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار ومعدات الحرب الإلكترونية، مع تقليص الاعتماد على استيراد الأسلحة، وهو ما يعكس طموح الرباط في أن تصبح رائدة إقليمياً في هذا المجال.
التفكير في توطين الصناعة العسكرية، كما يشير الباحث في الشؤون الإستراتيجية هشام معتضد، هو جزء من استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز السيادة الدفاعية للمغرب. هذا التحول جاء نتيجة للتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية في العقد الأخير، حيث يسعى المغرب لتقليل اعتماده على الخارج في تأمين المعدات الحساسة. ويرى أستاذ العلوم السياسية محمد بنطلحة أنه من المهم اعتبار أن وجود صناعة عسكرية محلية يعكس مشروعًا وطنياً يتناغم مع التوازنات الإقليمية ويستفيد من الموقع الجغرافي الفريد للمملكة.
عزز المغرب أيضاً ترسانته القانونية بسن قوانين جديدة لاستحداث المناطق الصناعية، مما يساهم في إيجاد بنية تحتية دفاعية متكاملة. هذا المرسوم يحمل دلالات استراتيجية تتمثل في تعزيز الأمن الوطني والقدرة على تأمين احتياجات البلاد الدفاعية بحرية، وفقاً لنظرية الواقعية في العلاقات الدولية. كما أكد بنطلحة أن هذه الإجراءات تشكل خطوة مهمة نحو بناء قدرات محلية فعالة وتعزيز برامج البحث والتطوير في مجال الدفاع.
ارتفعت ميزانية الدفاع الوطني المغربي بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث تهدف الموازنة المخصصة لسنة 2025 إلى دعم تطوير صناعة الدفاع، مما يشمل نفقات شراء المعدات وصيانتها، بالإضافة إلى تحسين أوضاع أفراد الجيش. يرى معتضد أن هذه الزيادة ضرورية لدعم الانتقال إلى الإنتاج المحلي، مما يسهم في خفض النفقات العسكرية ويعزز قوة الردع العسكري في وجه التحديات الإقليمية.
فيما يتعلق بالشراكات، تسعى المغرب لتوسيع تعاونها مع عدد من الدول، خاصة الهند التي تملك صناعة عسكرية متطورة. هذه التعاونات تعزز قدرة المغرب في مجال الصناعات الدفاعية، حيث تسهم في تحقيق اكتفاء ذاتي. وفي هذا السياق، يعتبر الطيار أن تعزيز التعاون مع دول جديدة مثل الهند يعد خطوة استراتيجية ضمن رؤية المغرب لتحقيق استقلالية في صناعة الأسلحة الدفاعية وتقليل الاعتماد التاريخي على الشركاء الأوروبيين والأمريكيين.
تأمل المغرب في مواجهة التحديات المتعلقة بتطوير صناعة عسكرية محلية، حيث أن التنافسية في التكنولوجيا الدفاعية تمثل أحد أكبر العقبات. ومع ذلك، يعتمد المغرب على موارده البشرية المؤهلة واستراتيجيات تجمع الصناعات والتعاون مع الجامعات، مما يسهم في تحقيق النجاح في هذا المجال. التجارب الناجحة في قطاعات أخرى مثل صناعة السيارات والطائرات تعد نموذجًا يمكن البناء عليه، مما يزيد من فرص نجاح المغرب في صناعة دفاعية محلية قوية.