غزة – يعاني سكان قطاع غزة، وخاصة في شماله، من أزمة إنسانية خانقة نتيجة الحصار الإسرائيلي الشديد وغياب المساعدات الإنسانية. يُظهر حال “أبوعلاء” (44 عاماً) الذي يواجه المجاعة مع أسرته المكونة من خمسة أطفال، كيف أن العيش تحت ظروف صعبة يتطلب مغامرات خطيرة مثل التسلل للحصول على الطعام. ولكنه رغم ذلك يعاني من شح الموارد، حيث أن ما حصل عليه لا يكفيهم سوى أيام قليلة بسبب القيود المفروضة على مخيم جباليا، الذي يعاني من أزمة إنسانية متفاقمة وسط مالا يقل عن 400 ألف فلسطيني.

في ظل تصاعد القيود، فمنعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تم تسهيل 151 حركة مساعدات من أصل 423 كانت مخططة، بينما تم رفض 189 حركة، مما يجسد عمق الأزمة الإنسانية في شمال غزة. وبالإضافة إلى ذلك، تعطل توزيع الغذاء والدواء، وسط انقطاع مستمر للتيار الكهربائي وتزايد الحاجة للمياه النظيفة، مما يضاعف الأزمات التي تواجه السكان.

تأثرت الأسواق بشكل كبير بسبب سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل، حيث اختفت معظم السلع من المتاجر وارتفعت الأسعار بشكل متسارع. يُذكر أن كيس الدقيق، الذي كان يُباع بسعر يتراوح حول دولارين، ارتفع سعره إلى أكثر من 150 شيكلاً، مما يزيد من معاناة الأسر الغزية. الجوع القاسي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني حالياً يعيد إلى الأذهان الأوضاع الإنسانية المقبضة التي شهدتها البلاد خلال المراحل الأولى من النزاع المستمر.

مع استمرار الحصار، يشير المسؤولون إلى أن أكثر من ربع مليون شاحنة من المساعدات تم منعها من دخول القطاع، مما يؤكد أن سياسة التجويع تتسق مع استخدام القوة ضد المدنيين. الحصار الذي يعاني منه سكان القطاع لم يتمكن من تحمله أكثر من 2.4 مليون فلسطيني، حيث يواجه هؤلاء نقصًا متزايدًا في الغذاء والدواء وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وقد أُغلقت نقاط العبور الإنسانية، مما زاد من تفاقم الأمور.

تظهر التقارير الحقوقية مدى الضرر الذي يُلحقه الاحتلال ببنية القطاع التحتية، حيث دُمِّرت الأراضي الزراعية والمزارع الحيوانية. توضح تلك الاعتداءات وفرض القيود على استيراد الموارد الأساسية مثل الأسمدة والمبيدات أن الاحتلال يسعى لتقويض قدرة غزة على الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية. وهذا يشكل واحدة من أسوأ التحديات التي يواجهها القطاع، حيث لا تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي من الخضروات 15% ومن الفواكه 20%.

تؤكد تلك الظروف الشاقة أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مستويات غير مسبوقة، مما يحرم السكان من حقوقهم الأساسية، مثل الحصول على الغذاء والدواء. تزداد أحوال الأهالي سوءًا بعد 180 يوماً من القيود المشددة على الحركة والموارد، مما يُلزم المجتمع الدولي النظر إلى الأوضاع الإنسانية في غزة بجدية والعمل على إنهاء سياسة التجويع والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version