قرية القُبيبة، الواقعة شمال غرب القدس، تحتفظ بتاريخ طويل من العلاقة مع المدينة، الذي بدأ يتراجع تدريجياً منذ احتلالها عام 1967. طوال عقود، كانت القرية تُعتبر جزءاً من النسيج الحضاري الفلسطيني المحيط بها، ومع مرور الزمن، تحول التركيز نحو مدينة رام الله بعد الاحتلال، إلا أن الغالبية العظمى من سكانها، الذين يبلغ عددهم نحو 4600 نسمة، لا يزالون متشبثين بهويتهم المقدسية. يتمسك هؤلاء السكان بصلات قوية مع القدس، على الرغم من التحديات التي يفرضها الوضع السياسي والاقتصادي، مستمرين في التواصل مع المدينة رغم الحواجز التي تحيط بها.
يتحدث نافز حمودة، رئيس مجلس القُبيبة المحلي، في حوار مع الجزيرة نت، عن عمق تاريخ القرية ومعالمها الفريدة. يشير حمودة إلى أن القرية تحتضن آثاراً تعود للعصر الروماني والإسلامي، مما يبرز أهميتها الثقافية والتاريخية. هذه المعالم ليست فقط شاهداً على الحضارات المختلفة التي مرت على المنطقة، بل تعتبر أيضاً مصدراً للفخر والاعتزاز بهوية السكان، الذين يسعون للحفاظ على تراثهم العريق.
تعتبر القُبيبة مركزاً تعليمياً هاماً، حيث تضم كلية للتمريض تابعة لجامعة بيت لحم، مما يساهم في توفير فرص تعليمية لسكان القرية والمناطق المجاورة. تلعب التعليم ورعاية الصحة دوراً محورياً في تعزيز المجتمع المحلي، ويعكس ذلك التزام سكان القُبيبة بتطوير أنفسهم وصقل مهاراتهم. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي القرية على دار للمسنين، مما يعكس القيم الاجتماعية السائدة بين السكان، من حيث الرعاية والاحترام لكبار السن.
تواجه القُبيبة تحديات مشتركة مع العديد من القرى والمدن الفلسطينية الأخرى، نتيجة الاحتلال والتقسيم الجغرافي والاقتصادي. تضيق الحواجز التي نصبها الاحتلال حركة السكان وتقلل من فرصهم في الوصول إلى الموارد والخدمات. ومع ذلك، يظهر سكان القُبيبة روحاً قوية من المقاومة والصمود، حيث يسعون لتجاوز الصعوبات من خلال التكيف مع الظروف المحيطة. يعكس هذا الصمود إرادة الشعب الفلسطيني في الحفاظ على هويتهم وثقافتهم وحقوقهم.
الحياة اليومية في القُبيبة تتميز بمجموعة من النشاطات الاجتماعية والثقافية، حيث تنتظم الفعاليات التي تعزز الروابط بين السكان. على الرغم من الضغوط التي يواجهونها، يبقى الأمل والحلم في مستقبل أفضل حاضراً في أذهانهم. تلعب الأسرة والعلاقات الاجتماعية دوراً محورياً في حياة سكان القُبيبة، مما يجعلهم يتمسكون برغبتهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.
في الختام، تبرز قرية القُبيبة كشاهد حي على التحديات والانتصارات التي يواجهها الشعب الفلسطيني. من خلال تاريخها الغني ومعالمها الثقافية، تظل القُبيبة رمزاً للصمود والإصرار على الهوية، تجسد رغبة سكانها في الحفاظ على تراثهم وتقديم مساهمات إيجابية للمجتمع الفلسطيني بشكل عام. التزامهم بالتعليم والرعاية الاجتماعية يعكس قوة المجتمع وأملهم في مستقبل أفضل، لذلك تبقى القُبيبة علامة على الإصرار والتفاني في وجه الصعوبات.