غزة- أثارت عملية تسليم المقاومة الفلسطينية جثامين أسرة بيباس الإسرائيلية التي تضم أما وطفليها ردود فعل إسرائيلية واسعة بعدما تبين أن الرفات لا يعود إلى شيري بيباس وإنما لسيدة فلسطينية، قبل أن تعود المقاومة لتسليم الجثمان مساء يوم الجمعة الماضي.

الجزيرة نت بحثت في التفاصيل، ووصلت عبر مصادر عدة إلى إجابات تكشف ما جرى مع عائلة بيباس من لحظة أسر أفراد العائلة حتى تسليم جثامينهم.

من أين أسرت عائلة بيباس؟

مع انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تمكنت كتائب المجاهدين (إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية) من احتجاز شيري بيباس من كيبوتس نير عوز الواقع ضمن اختصاص المجلس الإقليمي إشكول، والذي يبعد مسافة 4 كيلومترات إلى الشرق من محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

تعمل بيباس في مكتب قائد المنطقة الجنوبية بفرقة غزة التابعة للقيادة الإقليمية الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، وخدمت في وحدة 8200 الاستخبارية التي تتولى مهام التجسس الإلكتروني.

كما أسرت المقاومة الفلسطينية زوجها ياردن بيباس، وألحق الآسرين بها طفليها (كفير وأرييل) رأفة بها كما قال قائد ميداني في كتائب المجاهدين خلال مراسم الرفات يوم الخميس الماضي، ووفروا لهم مكانا آمنا.

لماذا لم تطلق المقاومة الفلسطينية سراح الطفلين؟

في الأيام الأولى للعدوان على غزة عرضت كتائب القسام البدء بعملية تبادل والإفراج عن كل المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية مقابل إفراج الاحتلال الإسرائيلي عن جميع الأسرى الفلسطينيين، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت الطرح.

ومع ذلك، أطلقت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023 -أي بعد أقل من أسبوعين على بدء العدوان- سراح محتجزتين أميركيتين (أم وابنتها) لدواعٍ إنسانية، وبعد 3 أيام أطلقت سراح مسنتين إسرائيليتين محتجزتين لديها للدواعي ذاتها، وتركتهما على الحدود الشرقية دون أي مقابل رغم رفض الاحتلال تسلمهما في وقت سابق كما أعلنت كتائب القسام حينذاك.

ولم تستكمل كتائب القسام إطلاق سراح عدد من المحتجزين لديها لظروف إنسانية بسبب كثافة القصف والاستهداف الإسرائيلي.

يشار إلى أن الاحتلال كان يعتقل في سجونه أكثر من 400 سيدة وطفل حتى نهاية العام الماضي.

كيف قُتلت عائلة بيباس؟

تشير المعلومات التي حصلت عليها الجزيرة نت إلى أن قوات الاحتلال استهدفت بطائراتها الحربية منزلا في محافظة خان يونس أدى إلى مقتل الأم وطفليها، وذلك في الفترة الأولى من الحرب التي سبقت سريان التهدئة المؤقتة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 واستمرت لمدة 7 أيام.

ويعزز تلك الرواية الفيديو المصور الذي بثته كتائب القسام للأسير ياردن بيباس في اليوم الأخير للتهدئة الموافق 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وطالب فيه الحكومة الإسرائيلية بالعمل على إخراج زوجته وطفليه لدفنهم في إسرائيل، متسائلا: هل سيعمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إطلاق سراحه أم أنه سيدفن معهم؟

وقالت كتائب القسام إن الفيديو يحمل رسالة الأسير الصهيوني ياردن بيباس -الذي قتلت طائرات الاحتلال زوجته شيري وطفليه كفير وأرييل- إلى نتنياهو، وقد عرضت المقاومة تسليم الجثامين الثلاثة، لكن حكومة الاحتلال رفضت استلامها.

يذكر أن قوات الاحتلال قتلت أكثر من 30 ألف طفل وامرأة خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة.

لماذا لم يُقتل ياردن بيباس مع أسرته؟

تكشف التفاصيل التي حصلت عليها الجزيرة نت أن المقاومة الفلسطينية كانت تحتجز الأسرى من الذكور لديها في أماكن منفصلة عن تلك التي تحتفظ فيها بالنساء، وذلك في إطار الإجراءات الأمنية التي اتخذتها للحفاظ على المحتجزين لديها، وتوفير أماكن تتناسب مع النساء والقاصرين.

وأفرجت كتائب القسام عن الأسير ياردن بيباس في الأول من فبراير/شباط 2025 في إطار عملية تبادل الدفعة الرابعة من الأسرى ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

جنود إسرائيليون يستقبلون توابيت الأسرى الإسرائيليين الأربعة (رويترز)

ماذا جرى بعد تسليم الرفات؟

سلّمت كتائب القسام برفقة فصائل المقاومة الفلسطينية صبيحة يوم الخميس 20 فبراير/شباط 2025 الدفعة الأولى من الجثامين المحتجزة لديها، وذلك في إطار المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأعلن الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة أن المقاومة قررت تسليم جثامين عائلة بيباس الثلاثة (الأم وطفلاها) الذين كانوا على قيد الحياة، قبل أن يتم قصف أماكن احتجازهم من قبل طائرات الاحتلال بشكل متعمد.

وبعد خضوع الجثامين لفحص الحمض النووي أعلنت إسرائيل أن جثمان السيدة لا يعود إلى بيباس، وأطلق نتنياهو تهديدا تعهد فيه بمعاقبة حركة حماس.

ما الأسباب التي أدت للخلل في استبدال جثمان بيباس؟

أعلنت حركة حماس في بيان لها احتمالية وجود خطأ أو تداخل في الجثامين نتيجة استهداف الاحتلال وقصفه المكان الذي توجد فيه العائلة مع فلسطينيين آخرين.

ويرجع الخلل -حسب ما تقصت الجزيرة نت- إلى أسباب عدة، أبرزها:

  • قوة القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى تطاير الجثامين وتداخلها مع بعضها البعض.
  • اقتحام جيش الاحتلال أماكن عدة داخل قطاع غزة كان يعتقد أن جثثا مدفونة فيها، وعمل على نبشها وتجريفها.
  • احتمالية وجود جثامين لأسرى تحت الأنقاض بسبب رفض الاحتلال إدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام وانتشال الشهداء الفلسطينيين وقتلى الاحتلال من بين الركام.
  • طول أمد الحرب وعدم وجود أماكن مجهزة للاحتفاظ بجثث القتلى أدى إلى تحللها.

كيف علقت عائلة بيباس؟ وكيف تم تدارك الأمر؟

اتهمت عائلة بيباس نتنياهو بالتخلي عن أفرادها والفشل في إعادتهم سالمين إلى ذويهم.

وفي فيديو مصور لها اتهمت عوفري بيباس (شقيقة زوج شيري) الحكومة الإسرائيلية -خاصة رئيس الوزراء- بالفشل في حمايتهم، وقالت في بيان باسم العائلة “كان من مسؤولية إسرائيل وواجبها إعادتهم أحياء”.

وأضافت “لن نسامح على التخلي عنهم في 7 أكتوبر، ولن نسامح على التخلي عنهم في الأسر، يا رئيس الوزراء: لم نتلق منك اعتذارا في هذه اللحظة المؤلمة”.

وتداركا للأمر أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساء يوم الجمعة الماضي إتمامها عملية تسليم جثمان الأسيرة شيري بيباس إلى الجانب الإسرائيلي بعد الخلل الذي حدث في استبدال جثمانها.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.