في قرية أم طوبا الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة القدس، كشفت الجزيرة نت في تحقيق لها عن مصاعب وجهها أهالي القرية بسبب تسجيل أراضيهم لصالح “الصندوق القومي اليهودي” بشكل غير مبرر. هذا الإجراء جاء في إطار مشروع “تسجيل وتسوية الأراضي” الذي أطلقته الحكومة الإسرائيلية عام 2018، والذي يستهدف تسجيل 50% من أراضي شرقي القدس بحلول نهاية عام 2021 واكتمال تسجيل الباقي حتى عام 2025. وعلى الرغم من الادعاءات الرسمية بأن هذه الإجراءات ستساعد المقدسيين في الحصول على حلول سكنية، إلا أن حقيقة الوضع تشير إلى نية تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية.
توقف تسجيل الأراضي في القدس الشرقية بعد الاحتلال عام 1967، مما أدى إلى تفكك الملكيات وتوزع أصحابها بين مختلف المناطق. هذا الوضع زاد من تعقيد قدرة الفلسطينيين على إثبات ملكيتهم للأراضي، حيث تقتصر الوثائق المطلوبة على التسجيل الرسمي فقط، مما يصعّب على أصحاب الملكيات الأصليين إثبات حقوقهم. يوسف أبو طير، أحد سكان القرية، عانى من هذا الوضع، حيث أُخبر بأن أراضيه المسجلة في السابق أصبحت ملكًا للصندوق القومي اليهودي، مما دفعه إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد هذا القرار.
تجربة يوسف أبو طير تعكس معاناة العديد من العائلات الفلسطينية التي وجدت نفسها في مواجهة مشكلات قانونية خطيرة. فولدت ضربة هذا الإجراء لدى يوسف شعورًا عميقًا بالخيبة، وبدلاً من الاستسلام، قرر هو وأقاربه المحاماة من أجل الدفاع عن حقوقهم. هذه القضية تمثل أزمة حقيقية للعديد من العائلات التي تمتلك وثائق تثبت ملكيتها، ولكنها تواجه نظامًا قانونيًا يتجاهل تلك الوثائق ويعتمد فقط على السجل العقاري الإسرائيلي.
المختار عزيز أبو طير أشار إلى أن تاريخ القرية يمتد لأكثر من 3 آلاف عام وأن سكانها قد وثقوا ملكياتهم عبر الأجيال. لكن على الرغم من هذا التاريخ العريق، فإن قرار المحكمة العليا القادم يثير قلق السكان. وفقًا له، هناك 139 مقدسيًا تضرروا من هذه الإجراءات الجديدة، مما يؤكد بأن القضية ذات طابع سياسي أكثر من كونها قانونية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
تأتي هذه الأحداث في إطار أوسع من الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث استولِيت على العديد من الأراضي، بما في ذلك الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون. هذا الوضع يفرض ضغوطًا على الأهالي الذين يواجهون تحديات متزايدة في الحفاظ على ممتلكاتهم وأراضيهم. الطرق الالتفافية والجدار العازل الذي يحيط بمناطقهم يزيد الأمر تعقيدًا، حيث أصبح الوصول إلى بعض الأراضي محظورًا.
في النهاية، تعكس قضية أم طوبا واقعًا مؤلمًا لأهالي فلسطين، الذين يعيشون تحت وطأة الاستيلاء على أراضيهم وسط غياب الدعم القانوني المطلوب. وبالرغم من مقاومة الأهالي ومحاولاتهم القانونية لاسترداد حقوقهم، فإن الوضع الحالي يشير إلى تحديات كبيرة تنتظرهم، مما يفرض عليهم البقاء في حالة استعداد دائم لمواجهة ما قد يأتي به المستقبل من إجراءات قمعية.