في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شهدت القدس المحتلة تصعيدًا غير مسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية، حيث اقتحم المسجد الأقصى أكثر من 10 آلاف متطرف، وسجل أعلى عدد من الاعتقالات الإدارية منذ بداية العام بواقع 48 أمرًا. تصاعدت الاعتقالات بحق الفلسطينيين، وتعرض الأطفال والشباب لأعمال عنف، حيث قُتل الطفل حاتم غيث (12 عاما) على يد الاحتلال أثناء اقتحام مخيم قلنديا، فيما شهدت الأيام الأخيرة من الشهر تصعيدًا مشابهًا بقتل الشاب سامي العامودي (44 عاما) بتهمة تنفيذ عملية دهس. تزامنت هذه الانتهاكات مع موسم الأعياد اليهودية، مما زاد من حدة التوتر في المدينة.
في عيد العرش، استباحت القوات الإسرائيلية ساحات المسجد الأقصى حيث اقتحم 5980 مستوطنًا للمشاركة في الاحتفالات اليهودية. تم تنفيذ صلوات وطقوس دينينة داخل المسجد، فيما ارتدى بعضهم ملابس دينية خاصة. الاحتفالات تضمنت أيضًا النفخ في البوق والقيام بطقوس تقليدية، مما أثار استهجان الفلسطينيين، ولا سيما في ظل القيود المفروضة على دخولهم للمنطقة. هذه الأحداث تشير إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى تغيير الوضع الراهن في المسجد لصالح الأغلبية اليهودية.
كما أعلَنت شرطة الاحتلال عن خطة لإنشاء مقر لها بالقرب من باب الحديد، مما يضاف إلى سلسلة الانتهاكات الممنهجة بحق الفلسطينيين. خلال أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 200 فلسطيني، بما في ذلك قاصرين ونساء، حيث كان نصيب الأسرى من شمال غرب القدس هو الأكبر. كما تمت إحالة عدة أشخاص إلى الحبس المنزلي، مما يعكس سياسة التضييق والإبعاد التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين.
ورغم الزيادة في عدد الاعتقالات، استمرت عمليات الهدم بدءًا من 13 عملية في الأحياء المحاصرة داخل الجدار العازل، حيث استهدفت بشكل رئيسي أحياء سلوان والعيساوية. يسعى الاحتلال من خلال هذه السياسات إلى إفراغ المدينة من ساكنيها وتعزيز السيطرة الاستيطانية. وفي سياق متصل، استولت الجمعيات الاستيطانية على أراض جديدة بحجة “شرائها”، مما يزيد من حجم الاستيطان والتهجير.
في هذا الإطار، توسعت عمليات الاستيطان، حيث قامت سلطات الاحتلال بمصادرة 64 دونمًا من أراضي بلدة أم طوبا، و26 دونمًا من أراضي بلدة جبع لإنشاء مناطق عازلة حول المستوطنات. هذه الخطوات تؤكد السياسة الممنهجة لفرض السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية، مما يحذر من مستقبل مظلم للفلسطينيين في المدينة. في نفس السياق، صادقت بلدية الاحتلال على مشاريع استيطانية جديدة تُعزز من السيطرة الاستيطانية في الأماكن التاريخية.
ختامًا، أنهى الكنيست الإسرائيلي الشهر بإقرار قانون يحظر نشاط وكالة “أونروا” ويمنع التواصل معها، مما يترك الملايين من اللاجئين الفلسطينيين في وضع غير مستقر. يعبر هذا الأمر عن توجه الاحتلال نحو إغلاق كافة المنافذ الإنسانية على الفلسطينيين، ويعكس سياسة الرفض المتعمد لحقوق الفلسطينيين، مما يزيد من حالة التوتر والاحتقان في المدينة المقدسة. هذه الانتهاكات تتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لحماية الحقوق الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.