عندما يتوجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد في الخامس من نوفمبر المقبل، سيختارون بين بطاقتي “هاريس-والز” و”ترامب-فانس”. ومع ذلك، فإن التصويت لن يتمحور فقط حول هؤلاء المرشحين، بل يتعلق أيضًا باختيار “الناخبين الكبار” الذين سيكون لهم دور محوري في انتخاب الرئيس ضمن نظام المجمع الانتخابي. حيث سيلتقي هؤلاء الناخبون في 17 ديسمبر 2024 لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس، وسيتم إرسال بطاقات الاقتراع إلى الكونغرس في واشنطن لفرزها في 6 يناير 2025 برئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس المنتهية ولايتها. للحصول على الفوز، يحتاج المرشح إلى 270 صوتًا من أصل 538 ناخبًا كبيرًا، ولكن معظم هؤلاء الناخبين قد التزموا بالفعل بترجيح كفة مرشح معين، مما يضع التساؤل حول مستوى التنافس الذي ستشهده هذه العملية.
تعيين الناخبين الكبار يعتمد بشكل رئيسي على كيفية اختيارهم من قبل الأحزاب الديمقراطية والجمهورية في كل ولاية. بشكل عام، تطبق معظم الولايات نظام “الفائز يأخذ كل شيء”، بحيث يتم تخصيص جميع الأصوات للمرشح الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين. وهذا النظام قد يضفي انحيازًا كبيرًا على النتائج، كما حدث في بعض الانتخابات السابقة، مثل انتخابات فلوريدا، حيث كفى دونالد ترامب الحصول على صوت واحد فقط ليحصل على جميع الناخبين الكبار الـ29 من الولاية. وهذا يمنح المرشحين فرصة لا تعكس بالضرورة تفضيلات غالبية الناخبين في أحداث قد تؤدي إلى عدم التوازن في توزيع الأصوات.
تتواجد الولايات المتأرجحة بين الولايات الأكثر كثافة سكانية والتي تتحكم بعدد كبير من الناخبين الكبار، مثل كاليفورنيا التي لديها 55 صوتاً مقابل وايومنغ التي تمتلك 3 أصوات فقط. هذه الولايات تكون محط اهتمام المرشحين ووسائل الإعلام، حيث تبقى استطلاعات الرأي فيها غير حاسمة قبل الانتخابات بفترة وجيزة، مما قد يؤدي إلى تغيير نتائج الانتخابات بشكل كبير. ويرى أستاذ التاريخ والسياسة الاجتماعية في جامعة هارفارد، ألكس كيسار، أن وجود نظام “الفائز يأخذ كل شيء” ليس فقط نتيجة لمبادئ فلسفية أو سياسية، بل هو نتيجة لاعتبارات حزبية اختارها أصحاب القرار في الولايات.
يرتبط استخدام هذا النظام بالانتخابات السابقة، حيث كانت الانتخابات بين جون آدمز وتوماس جيفرسون عام 1800 نقطة تحول في كيفية اختيار الناخبين الكبار في الولايات. كانت ولاية فرجينيا، التي أرادت دعم جيفرسون، قد اختارت تطبيق هذا النظام لتعزيز فرصته. تبعت ولايات أخرى هذا المثال لتجنب تراجع تأثيرها في اختيار الرئيس. وعلى الرغم من أن ولاية ماين ونبراسكا قد تكونا استثناءات بسبب قلة عدد الناخبين الكبار، إلا أن بقية الولايات انتقلت إلى هذا النظام بشكل شبه كلي.
في عام 2007، حاولت ولاية كارولينا الشمالية إدخال تعديلات على هذا النظام لجعل اختيارات الناخبين الكبار تعكس نتائج توزيع أصوات المرشحين بشكل أكبر، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة. يشير هذا التراجع إلى أن التغيير في الأنظمة الانتخابية ليس أمرًا يسيرًا، حيث يتطلب توافقًا سياسيًا واسعًا. تبدو المخاوف من فقدان_CONTROL على النتائج على خلفية المصلحة الحزبية هي التي تجعل مثل هذه القرارات تتعثر، على الرغم من وجود رغبة واضحة في تحسين العدالة في العملية الانتخابية.
يقودنا هذا إلى تسليط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة النظر في نظام المجمع الانتخابي ككل. فبينما يقوم الناخبون بتعبئة بطاقات الاقتراع، فإن التوجه العام هو إلى إعادة التفكير في كيفية تحسين تمثيل الصوت الشعبي. سوف يكون نجاح هذه الانتخابات مرتبطًا بإيجاد طريقة لجعل النظام بالكامل أكثر استجابة لاحتياجات الناخبين، وليس فقط للأحزاب. هذا يتطلب حوارًا وطنيًا حول قواعد الانتخابات واستراتيجياتها، بهدف ضمان مشاركة جميع الأصوات وتحقيق نتائج تعكس الإرادة الحقيقية للشعب الأميركي.