منذ أكثر من عام، يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة ظروفًا مأساوية تتمثل في انقطاع كامل لمصادر التيار الكهربائي، ما أدى إلى أزمة إنسانية وبيئية خطيرة. تفاقم الوضع بعد اندلاع عملية “طوفان الأقصى” من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم فرض حصار شامل على غزة، مما أدى إلى توقف الإمدادات الأساسية، وإغلاق المعابر، وقطع خطوط الكهرباء. هذه الإجراءات أدت إلى تفاقم الظروف المعيشية للمدنيين، الذين يعانون من نقص حاد في الكهرباء والمياه، مما ألقى بظلاله على حياتهم اليومية ومعاناتهم المتزايدة.

يؤدي انقطاع الكهرباء إلى تأثيرات سلبية على النازحين، الذين أجبروا على تغيير نمط حياتهم. فقد لجأوا إلى حلول بدائية، مثل استخدام ألواح الطاقة الشمسية باعتبارها الخيار الوحيد لتوليد الحد الأدنى من الطاقة. تجربة الفلسطينية نورا أبو عرمانة مثال واضح على ذلك، حيث اضطرت للعودة إلى العمل اليدوي بعد توقف آلة الخياطة بسبب انقطاع الكهرباء. تعكس قصتها الصعوبات التي يواجهها العديد من الفلسطينيين الذين يحاولون التكيف مع الوضع القائم، من دون أي مصدر دخل ثابت يضمن لهم حياة كريمة.

الصعوبات التي تواجه العائلات النازحة تتجاوز انقطاع الكهرباء. فاطمة حسونة، التي نزحت ثماني مرات، وصفت الحياة في خيام النزوح بأنها “بلا أدنى مقومات للحياة”. تروي تجربتها المريرة في الظلام، وكيف أن غياب الإضاءة جعلها في موقف خطر مع طفلها، مما يعكس القلق المستمر الذي تعاني منه الأسر في ظل هذه الظروف. بالإضافة إلى ذلك، أجبرت العديد من العائلات على العودة إلى طرق تقليدية للغسل والطهي، مما يزيد من معاناتها ويعرضها لمخاطر أكبر.

وفقًا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، تتجاوز آثار الهجمات الإسرائيلية تدمير البنية التحتية الأساسية، حيث تم تدمير أكثر من 3 آلاف كيلومتر من شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى تدهور شبكة الطرق. هذا التدمير المنهجي للبنية التحتية يتسبب في أعباء إضافية على المدنيين، الذين كانوا يعانون بالفعل من عجز كبير في الطاقة الكهربائية. يحتاج قطاع غزة إلى ما بين 450 إلى 500 ميغاوات يوميًا، في حين أنّ الاحتياجات تزداد خلال فصل الشتاء والصيف، مما يتسبب في عجز يصل إلى 50%.

تعود جذور أزمة الكهرباء في غزة إلى منتصف عام 2006، عندما تعرضت المحطة الوحيدة لتوليد الطاقة للقصف، مما أدى إلى توقفها بشكل كامل. منذ ذلك الحين، دخلت غزة في حلقة مفرغة من العجز الكهربائي تتكرر فيها معاناة سكانها. تضافرت جميع هذه العوامل لتعيد صياغة حياة الفلسطينيين، الذين يكافحون من أجل العيش بكرامة في ظل ظروف قاسية وظلام دامس.

تظهر المعاناة المستمرة في غزة الحاجة الملحة لتحسين الظروف الإنسانية وتوفير الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والماء. يتطلب الوضع في غزة اهتمامًا دوليًا لحل الأزمات القائمة وضمان توفير حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين. إن الاستجابة للعجز والكوارث الإنسانية هي أولوية لتفادي المزيد من الانهيار في حياة هؤلاء المدنيين، الذين يقاومون الفقر والظلام في سبيل الحصول على حياة كريمة لهم ولأبنائهم.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.