بغداد – يشهد العراق تحديات سياسية وأمنية متزايدة بسبب الصراع القائم في المنطقة، وتحديدًا في ظل الضغط الأمريكي على الحكومة العراقية لمحاولة تحييد الفصائل المسلحة عن المشاركة في الحرب الإسرائيلية. فعلى الرغم من هذه الضغوط، تُصر تلك الفصائل على مواصلة استهداف إسرائيل، معلنة عن تنفيذ هجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة. ما يطرح تساؤلات عميقة حول قدرة الحكومة العراقية على السيطرة على هذه الفصائل وإدارة الوضع بما يضمن سلامة البلاد ويجنبها الدخول في صراعات ممتدة.
كمدخل لتلك التحديات، فإن الأوضاع الأمنية في العراق تتعقد أكثر بسبب الهجمات المتكررة التي تستهدف البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية للتحالف الدولي، حيث أظهرت تلك الهجمات تنوعًا في الأساليب المستخدمة، من الصواريخ إلى الهجمات المسلحة المباشرة. وذكرت السفيرة الأميركية في العراق أهمية تعاون الحكومة العراقية لوقف تلك الهجمات بعد استهداف مجمع دعم دبلوماسي تابع للولايات المتحدة، مما يضع حكومة محمد شياع السوداني أمام مهمة بالغة التعقيد.
لضمان حماية البعثات الدبلوماسية، أكد قائد عمليات بغداد أن جميع السفارات تتمتع بحماية مشددة تشمل وجود قوة خاصة تابعة لمديرية حماية السفارات. كما أضاف أن هناك تنسيقًا عالي المستوى بين وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد لضمان الحفاظ على أعلى درجات الأمان في جميع أنحاء العاصمة. التكثيف الاستخباري على الأرض يُعد أحد الأساليب المتبعة لرصد التحركات المشبوهة في المدينة، مما يعكس جدية السلطات العراقية في مواجهة تلك التحديات الأمنية.
وفيما يتعلق بالموقف العراقي من الحرب، أكد وزير الخارجية فؤاد حسين أن العراق يرفض استغلال أجوائه لأغراض الحرب، مشددًا على ضرورة عدم توسيع رقعة الصراع في المنطقة. هذا الموقف يُظهر التزام الحكومة العراقية بتجنب أي تورط محتمل في النزاعات، ويضع القرار السياسي حول الحرب بيد الدولة وسلطاتها الثلاث، ما يعكس رغبة الحكومة في اتخاذ مواقف متوازنة في ظل الوضع الإقليمي المضطرب.
ومع ذلك، تبرز المخاوف من إمكانية قيام إسرائيل بشن هجمات داخل الأراضي العراقية، مثلما تفعل في لبنان. ورغم هذه المخاوف، يُستبعد العديد من المحللين تلك السيناريوهات، مشيرين إلى أن أي عدوان إسرائيلي سيكون له تداعيات سلبية على المصالح الأمريكية في المنطقة. في هذا السياق، يشدد المحللون على أن التحشيد العسكري والإجراءات الجارية لن تتجه صوب الأعمال العدائية، بل ستسعى للحل السياسي للنزاع القائم.
خلاصة القول، العراق في مرحلة حساسة للغاية تتطلب توازناً دقيقاً بين التزامات الحكومة الداخلية والتأثيرات الإقليمية والدولية. في الوقت الذي تعبر فيه الفصائل العراقية المسلحة عن موقفها بوضوح تجاه الصراع، تبقى جهود الحكومة مركزة على شمولية الاستقرار وأمن البعثات، مما يعكس أبعادًا معقدة لموقف العراق في تلك المعادلة الإقليمية.