في الوقت الراهن، يزداد التوتر في الشرق الأوسط، خاصة بعد تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان، إذ شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أسفر عن اغتيالات لقادة من حزب الله، بما في ذلك الأمين العام للحزب، حسن نصر الله. في مدن الاحتلال الإسرائيلي، ارتفعت الأصوات المنادية بتوسيع الاستيطان في الجنوب اللبناني، بدعوى تحسين الأمن العام للإسرائيليين الذين يعيشون في منطقة الجليل. وبرزت مجموعة من الحركات، مثل حركة “عوري هتسفون” التي تدعو إلى استيطان أراضٍ لبنانية تحت مسمى “أرض إسرائيل الكبرى”، ولوحت باستخدام الحرب الحالية كفرصة لاحتلال لبنان.

تأسست حركة “عوري هتسفون” في 12 أبريل 2024، بهدف رفع مستوى الوعي الاستعماري بين الإسرائيليين، والترويج لفكرة استغلال الوضع الراهن من أجل إنشاء “لبنان يهودي مزدهر”، كما أوضح أحد مؤسسي الحركة، إلياهو بن أشير. يمثل شعار الحركة شجرة الأرز، محاطة بنجمة داود، حيث تتبنى الحركة سياسة غزو المناطق الحدودية اللبنانية كخطوة أولى نحو الطموحات الإسرائيلية في توسيع الحدود حتى العراق شمالًا، والمناطق الأخرى شرقًا. تسعى الحركة إلى تقديم الاستيطان كحل أمني عبر إقامة مستوطنات يهودية في الجنوب اللبناني.

يعتبر نشاط حركة “عوري هتسفون” جزءًا من التيار الديني الصهيوني المتجدد، حيث تم الترويج لهذه الأفكار بعد مقتل الجندي الإسرائيلي، والذي كان له دور في إحياء فكر الاستيطان في لبنان. تواصلت الحملة بالتزامن مع التوترات على الحدود، حيث نظمت الحركة مؤتمرًا افتراضيًا في يونيو 2024، شهد مشاركة ناشطين وجماعات يمينية من إسرائيل وخارجها، هدفهم توعية الجمهور الإسرائيلي بالقضية ودعوتهم للانخراط في مساعي الاستيطان.

يكشف تحليل الحركة عن تركيز أقل على النازحين من المناطق الحدودية، إذ يتم توجيه اهتمامهم نحو الأراضي اللبنانية، مما يعكس الأطماع الاستعمارية. تحدث مجموعة من الشخصيات البارزة، مثل حجاي بن أرتسي، عن ضرورة اتباع التوجيهات الدينية في السياسة الإسرائيلية، داعين لضرورة استعادة أراضي الجنوب اللبناني كأساس لأمن إسرائيل. وهذا التوجه يعكس محاولة لجعل السيادة الأمنية والدينية مسألة ملحة وحيوية للمجتمع الإسرائيلي.

عكست تصريحات المحامي المختص في الاستيطان، خالد زبارقة، الاتجاهات الحالية في المجتمع الإسرائيلي نحو الاستناد إلى التفسيرات الدينية للتوراة، كجزء من مشروع الحكومة الإسرائيلية. وشدد زبارقة على أن الجهود المستمرة لزيادة الاستيطان في الجنوب اللبناني تتماهى مع رؤية “إسرائيل الكبرى”، وأنها مرتبطة بتفسيرات دينية تدعم الطموحات السياسية لمختلف القوى في الحكومة الحالية. ذلك يعكس تحولات عميقة في العقلية الإسرائيلية، حيث تتداخل الدين مع السياسة.

لقد اتضح أن العامل الديني يلعب دورًا محوريًا في الحرب الحالية، حيث يتم استخدام المفاهيم الدينية لتبرير السياسات العدوانية في المناطق المتنازع عليها. كانت هناك دعوات مباشرة من نتنياهو وغيره من المسؤولين لدعم هذه الإجراءات، مما يعكس التفسير الديني التفسيري الرامي إلى تحقيق أهدافهم الاستراتيجية في فرض الهيمنة على مناطق جديدة. مع استمرار العنف والاعتداءات، يبقى الأمن والسلام أمرين بعيدين المنال بالنسبة لكثير من سكان المنطقة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.