تحت عنوان “الوعد الصادق 2″، عاد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى المنبر بعد غياب دام خمس سنوات، حيث ألقى خطبة الجمعة في طهران وسط تصاعد التوترات في المنطقة. جاءت هذه الخطبة عقب الأحداث العنيفة التي شهدتها المنطقة، بدءًا من اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني في عام 2020، وصولًا إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وتصاعدت الأمور بشكل أكبر بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، مما دفع القوات المسلحة الإيرانية إلى تنفيذ الهجوم الأخير ضد إسرائيل.

أشار الأستاذ في جامعة طهران كيومرث يزدان بناه إلى أهمية خطاب خامنئي، حيث أنه جاء في وقت يتصاعد فيه التهديد الإسرائيلي للعديد من الدول الإسلامية، وخصوصًا بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على الأراضي الفلسطينية. كما أظهرت الخطبة أن إيران لا تتجاهل التطورات الإقليمية، بل تساهم فيها بفعالية، مع التركيز على الأمن القومي الإيراني والأمة الإسلامية. حيث دعا خامنئي إلى وحدة الصف والتضامن مع من يدافعون عن مقدسات الأمة، مما يعكس التزام إيران الثابت بقضية فلسطين.

في سياق حديثه، شدد خامنئي على ضرورة التحرك الجماعي لمواجهة العدو المشترك الذي يستهدف الشعوب الإسلامية، مبرزًا ارتباط مصير الجمهورية الإسلامية بمصير هذه الشعوب. وقد بعث خطابه برسالة قوة وأمل للمقاومة، مشيرا إلى أن الاغتيالات الإسرائيلية لن تنجح في وقف الروح المقاومة وأن الشعوب ستتفاعل بشكل أقوى لمواجهة التحديات.

من جهة أخرى، يرى السفير الإيراني السابق أحمد دستمالجيان أن كلمة المرشد تعكس خارطة طريق للمرحلة المقبلة، وأن حضوره في خطبة الجمعة يمثل تحديًا حقيقيًا لإسرائيل. كما أشار إلى أن غياب بعض الشخصيات العسكرية المهمة يدل على جاهزية القوات المسلحة الإيرانية للرد على أي تهديد. واعتبر دستمالجيان وجود القيادات السياسية الإيرانية في الصلاة مؤشرًا على الثقة الكبيرة في القوات المسلحة في مواجهة المخاطر.

على مستوى آخر، تطرقت خطبة خامنئي إلى الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل. فقد اعتمد خطاب المرشد على لغة التحدي، حيث حرص على أن يطيل فترة حضوره في الصلاة، مما يعكس حسم القيادة الإيرانية تجاه الأوضاع الراهنة. وقد تميزت اختياراته اللغوية بانتقاء مفهوم “الشجرة الطيبة” ليصف حزب الله، و”الشجرة الخبيثة” لوصف إسرائيل، مما يعكس تميزه في مخاطبة الجمهور العربي والإيراني بنفس الوقت.

ختامًا، أظهر خامنئي من خلال خطبته أن إيران ملتزمة بدعم المقاومة في المنطقة وأنها لن تتهاون في الدفاع عن مصالح شعبها. وبذلك، كانت الخطبة بمثابة رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن إيران ستظل جزءًا أساسيًا من المعادلات الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط، وأن الشعوب ومقاومتها هي التي ترسم مستقبله.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.