تستعد تونس لانطلاق الانتخابات الرئاسية يوم الأحد المقبل، وسط أجواء مشحونة من التوتر السياسي والجدل. يبرز في هذا السياق عدم اعتراف أغلب الأطراف المعارضة بهذه الانتخابات، حيث تتبنى كافة الأحزاب التي تعارض الرئيس قيس سعيد، موقفًا موحدًا يعتبر أن هذه الانتخابات تفتقر إلى النزاهة، وقد أُعدت بشكل يضمن إعادة انتخاب سعيد. ويعبر المعارضون عن قلقهم من إقصاء هيئة الانتخابات للعديد من المرشحين، حيث تم استبعاد عدد كبير منهم بحجة “عدم استيفاء الشروط”، بما في ذلك مرشحون بارزون رغم قبول طعونهم من قبل المحكمة الإدارية.

يتكون السباق الرئاسي الحالي في تونس من عدد محدود من المرشحين، يتصدرهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد، والذي يواجه تحديًا من الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، الذي انتقل من دعم سعيد إلى انتقاده، إضافة إلى العياشي زمال المرشح المسجون الذي ينفي الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب تزوير. وفي بيان مشترك، جددت خمسة أحزاب معارضة موقفها الرافض لتنظيم الانتخابات، مشددة على فقدانها بزعم نزاهتها وللضغوط التي تمارسها هيئة الانتخابات لصالح سعيد.

وعلى الرغم من أن المعارضة كانت تتوقع أن تكون الانتخابات مناسبة للتنافس السلمي والديمقراطي، فإن الوضع الحالي قد عصف بهذا الأمل. ووفقًا لقول بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، فإن الانتهاكات المتكررة والتضييقات أدت إلى قلة الثقة في العملية الانتخابية. وتهدف الملاحقات القضائية المستمرة إلى إزاحة أي منافس سياسي جدي، مما يجعل الانتخابات أكثر برودًا وإقصائية مقارنة بالانتخابات السابقة التي شهدت تنافسًا حقيقيًا.

في إطار انتقاداتهم، خرج المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي مؤكدًا أن الرئيس سعيد يسعى إلى تفادي أي انتقاد لممارساته ويسعى لإقصاء جميع المنافسين. وعلق الهمامي على أن استخدام السلطة القضائية في مواجهة المرشحين مثل زمال يظهر بوضوح كيف يتم توظيف القضاء لخدمة مصالح خاصة. وشدد على أن القضاء أصبح مقيدًا بشكل غير مسبوق، حيث تعرضت استقلاليته للاختبار في عدد من القضايا التي برزت في سياق الانتخابات.

الجدل والخلافات بين القوى السياسية تدفع العديد من الجماعات الحقوقية إلى دعوة الجمهور لمقاطعة الانتخابات. ويرى الهمامي أن سعيد يسعى لتحقيق نتائج مرضية له حتى وإن كانت المشاركة ضعيفة، ويبرز القلق من تخطي القوانين التي قد تضر بمصداقية العملية الانتخابية. ومع إقصاء المراقبين المستقلين، أصبح المواطنين يعيشون في حالة من الخوف والقلق، مما أثر على الثقة العامة في نزاهة الانتخابات.

ختامًا، يُظهر تعامل الحكومة مع العملية الانتخابية في تونس تحولات كبيرة قد تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات السياسية. حيث استهدفت الحكومة، التي تتمتع بصلاحيات أكبر بعد الإجراءات الاستثنائية عام 2021، إضعاف دور المجتمع المدني والمراقبين والذي كان له دور كبير في الانتخابات السابقة. إن غياب هذه التعددية والحرية في الانتخابات الحالية يجعلها بعيدة عن معايير الديمقراطية التي تحققت عقب الثورة، مما يبرز تحديات جديدة تواجه تونس في سعيها نحو الاستقرار والحرية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.