طالبت مجموعة الأزمات الدولية، ومقرها نيويورك، الولايات المتحدة بالتحرك العاجل لوقف الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد شمال قطاع غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل منتظم في كافة أنحاء القطاع، في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة. فابتداء من 6 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية تعتبر الأكثر دموية، حيث أسفرت عن مجازر قاسية وعمليات قصف واسعة للأحياء السكنية ولأماكن الإيواء، مما نتج عنه مئات الشهداء والجرحى. الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بشكل كبير، حيث يعمل الدفاع المدني والإسعاف بصعوبة بسبب استهدافهم من قبل الجيش الإسرائيلي ومنعهم من القيام بمهامهم.
وأوضحت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها أن التحذيرات التي توجهها واشنطن لحكومة بنيامين نتنياهو لن تكون كافية لوحدها لوقف عمليات القتل والتجويع الممنهجة ضد الفلسطينيين، والتي تعتبر جزءاً من خطة تقوم إسرائيل بتنفيذها لتهجير سكان شمال القطاع. وأشارت إلى أن الحملة الحالية على غزة تأتي في إطار أكبر هجوم بري تشنه إسرائيل حتى الآن، رغم أن الأهداف المعلنة لها تتمثل في قمع حركة حماس، مما أدى في النهاية إلى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين في ظل تعطل المساعدات الإنسانية.
وكشفت التقارير عن أن الحكومة الإسرائيلية تستغل الأوضاع في المنطقة، مثل الحرب في لبنان والانتخابات الرئاسية الأميركية، لتنفيذ خطط تهدف إلى السيطرة على شمال غزة عبر إجراءات عسكرية وإجلاء السكان بالقوة. وأوضح التقرير أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر لأكثر من 400 ألف فلسطيني بالانتقال إلى منطقة إنسانية محددة في الجنوب، مما يكشف عن نية إسرائيلية واضحة لخلق منطقة عسكرية مغلقة في شمال القطاع. علاوة على ذلك، تم تعليق عمليات تسليم المساعدات، ما زاد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى ردود الفعل الأميركية المتعاقبة، حيث أرسلت واشنطن رسائل إلى الحكومة الإسرائيلية تطالبها باتخاذ خطوات محددة للتخفيف من الوضع الإنساني في غزة، مع تحذيرات من احتمال تعليق المساعدات العسكرية الأميركية للإسرائيليين إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية. وعلى الرغم من ذلك، فإن مجموعة الأزمات الدولية اعتبرت أن هذه التحذيرات لا تكفي لمنع إسرائيل من تنفيذ خططها بعيدة المدى، والتي قد تؤدي إلى تقويض وحدة أراضي القطاع وتهجير الفلسطينيين نهائياً.
كما دعت مجموعة الأزمات إلى ضرورة أن تضغط الولايات المتحدة من أجل تحسين الوضع الإنساني في غزة، بما في ذلك ضمان دخول المساعدات بسرعة ودون عوائق. وعلى الرغم من أن الأمور تتجه نحو محاولة الوصول إلى وقف لإطلاق النار عبر المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين، فإن توجيه الضغط الحقيقي على الحكومة الإسرائيلية هو العامل الوحيد القادر على دفعها لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان، وإيجاد طرق فعالة لحماية المدنيين.
في النهاية، تبقى الأزمة الإنسانية في غزة تتطلب استجابة عاجلة ومبنية على الفكر الجاد لتحقيق تسوية سلمية وشاملة، تتضمن جميع الأطراف المعنية وتحمي حقوق الفلسطينيين، في وقت تعاني فيه المنطقة من تصعيد أمني وتعقيدات سياسية عميقة.