تسود حالة من القلق والترقب في الأوساط الأردنية بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، حيث يعبّر المسؤولون والنخب السياسية والفكرية عن مخاوفهم من تأثير سياساته المحتملة على الأردن. تأتي هذه المخاوف في ظل تصريحات ترامب الأخيرة التي تدعو إلى توسيع مساحة إسرائيل، مما يثير مخاوف من إعادة إنتاج “صفقة القرن” التي كانت تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن. يعتبر ترامب في السياق الأردني عراب هذه الصفقة، خاصة بعد اتخاذه خطوات دعم لإسرائيل مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، مما يشير إلى استمرارية سياساته المعادية للفلسطينيين.
ويتشاطر سياسيون أردنيون القلق حيال إعادة تفعيل صفقة القرن وتأثيرها على الأردن، خصوصاً وأن الأردن كان له دور بارز في إعاقة هذه الصفقة. تشير التحليلات إلى أن عودة ترامب قد تمنح حكومة نتنياهو الفرصة للمضي قدماً في مخططاتها التوسعية التي تهدد الأردن، حيث برزت تصريحات من سياسيين متشددين في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تحمل مضامين تتعلق بضم الأردن إلى الكيان الإسرائيلي. يعد ذلك أمراً يفاقم من توترات العلاقات الأردنية-الإسرائيلية، ويعزز من المخاوف من تهجير الفلسطينيين في السياق الإقليمي.
من جانب الحكومة، أكد الناطق الرسمي أن العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة تظل مؤسسية واستراتيجية، على الرغم من الهوية الحزبية للرئيس الحاكم. كما يبرز دور الملك عبد الله الثاني في تعزيز العلاقات الدولية من خلال مواقفه الرافضة للاحتلال، مما يسهم في تأكيد موقف الأردن الثابت في دعم القضية الفلسطينية. ومع ذلك، يبقى الشك قائماً حيال قدرة الأردن على مواجهة التهديدات المحتملة، خاصة وأن الكثير من المحللين يرون أن موقف ترامب السريع والداعم لإسرائيل قد يعيق أي حديث عن القضية الفلسطينية أو السلام في المنطقة.
في هذا السياق، يرى سياسيون أردنيون أن ترامب أكثر وضوحا في دعمه لإسرائيل مقارنة بالرؤساء الأميركيين السابقين، مشيرين إلى أن قربه من نتنياهو يزيد من احتمالية عدم وجود أي نقاش جاد حول القضية الفلسطينية في المدى القريب. يأتي هذا في الوقت الذي عبر فيه الملك عبد الله الثاني عن تطلعاته للعمل مع ترامب لتعزيز الشراكة الأردنية-الأميركية. ومن جهة أخرى، يبرز النقاد موقف ترامب كجزء من سياسة أميركية تتميز بالعداء للعرب والمسلمين، وهو ما يعزز من الأزمات في المنطقة.
يقوم العديد من الناشطين والسياسيين بالتأكيد على أن الولايات المتحدة، تحت أي إدارة كانت، لا يمكن الاعتماد عليها لحل القضية الفلسطينية، مشيرين إلى أن صفقة القرن تمثل تصفية لهذه القضية وحق العودة. من المثير أن القوى الإسلامية والأحزاب اليسارية في الأردن تتحد في نداءاتها لتعزيز الوحدة الداخلية لمواجهة التهديدات الصهيونية، محذرة من مغبة أي تحركات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين تجاه الأردن. مما لا شك فيه، إن هذا الموضوع يمثل تحدياً كبيراً يتطلب استجابة فورية من الحكومة الأردنية ومؤسسات الدولة كافة.
وكذلك، تبرز المخاطر المحتملة المقبلة على الأردن في ضوء الأحداث الإقليمية، خاصة مع تزايد الصراعات في كل من غزة ولبنان، وهو ما ينذر بتزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية. يشير المراقبون إلى أن تعيين ترامب قد يوفر دعماً إضافياً للمخططات الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية، مما يزيد من القيود المفروضة على الأردن كداعم رئيسي للقضية الفلسطينية. تعد هذه الديناميات بمثابة استحقاقات محفوفة بالمخاطر تتطلب تحليلاً دقيقاً واستجابة فعالة من النظام الأردني للفشل في مواجهة التحديات.
باختصار، يمثل انتخاب ترامب مرة أخرى منطلقاً لوضع الاستقرار الإقليمي وأمن الأردن على المحك، حيث تتطلب الظروف الراهنة وعوامل الخطر إعادة تقييم استراتيجية المملكة في التعامل مع الولايات المتحدة وتفاعلاتها مع قضايا الشرق الأوسط. في ظل هذه التوترات، يبقى الأمل معقوداً على ما ستحققه الدبلوماسية الأردنية في الحفاظ على الأمن القومي ومصالح الشعب الفلسطيني، مما يثير التساؤلات حول المستقبل وأثر سياسات الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة.