قال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إنه بدأ عمليات برية واسعة في مناطق بشمال وجنوب قطاع غزة، ضمن حملة جديدة أطلق عليها اسم “عربات جدعون”، وذلك رغم دخول مفاوضات وقف إطلاق النار مرحلة وُصفت بالحاسمة.

وجدعون بن يوآش هو شخصية يهودية تاريخية خاضت حربا ضد جيوش كنعان ومدين والعماليق وغيرهم وانتصر عليهم. ويعد نصر جدعون واحدا من الانتصارات التاريخية الكبيرة لليهود، وتشير الأحاديث الدينية اليهودية (ميكرا) إلى أنه انتصر بـ300 مقاتل على تحالف عسكري يصل إلى 135 ألف جندي، لتزيد من صدى الأسطورة المتكررة منذ عام 1948 بأن إسرائيل أقلية تحارب أكثرية.

اقرأ أيضا

list of 2 items

list 1 of 2

الاعتراف الأميركي بالنظام الجديد في سوريا.. 5 دلالات وتبعات عديدة

list 2 of 2

كيف أثر الصراع بين الهند وباكستان على هيبة الصناعة العسكرية الفرنسية؟

end of list

وحول الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لقطاع غزة، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان “اجتياح غزة: إسرائيل بين الكوابح الداخلية والخارجية” ناقش فيه الباحث والأكاديمي مهند مصطفى تراجع الآمال في التوصل لاتفاق نهائي أو حتى مرحلي يستجيب لمصالح الطرفين، خاصة مع وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

قوات جيش الاحتلال تنتشر على حدود غزة

أهداف العملية المرتقبة

ترمي إسرائيل من وراء العملية المزمع تنفيذها إلى 3 أهداف: 

  • الهدف الأول: الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للموافقة على ما قد تقترحه إسرائيل للهدنة، مع العلم بأن نتنياهو لا يوافق على شرط إنهاء الحرب أو الانسحاب في أي اتفاق، وأن الهدف الأعلى للحرب هو القضاء على حماس.
  •  الهدف الثاني: احتلال قطاع غزة وإلغاء خطة الانسحاب منه عام 2005 بشكل عملي، بعد أن شرع الكنيست قانونا قبل الحرب يقضي بإلغاء قانون الانفصال عن القطاع.
  • الهدف الثالث: تهجير سكان قطاع غزة وهذه قد تكون المرحلة الأخيرة من الحرب، إذ تعتقد إسرائيل أن احتلال القطاع وتجميع السكان الفلسطينيين في منطقة الجنوب وحصر توزيع المساعدات الإنسانية عليهم هناك، سيمكّنها لاحقا من تنفيذ خطة التهجير.

إعلان

في هذا الصدد، يشير المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي إلى أن عملية “عربات جدعون”، تتكون من 3 مراحل:

  1. المرحلة الأولى: وقد بدأت، وتتمثل في استدعاء الاحتياط وتجهيز الوحدات العسكرية وبناء المنطقة الآمنة في جنوب قطاع غزة بين محوري “موراج” وصلاح الدين (فيلادلفيا)، وإقامة تحضيرات لوجيستية وهندسية، ويفترض أن تحضّر إسرائيل خلال هذه الفترة للبنية التحتية اللازمة لتوزيع المساعدات.
  2. المرحلة الثانية: تستعمل إسرائيل فيها عامل الدفع العسكري من خلال القصف، وعامل الجذب الإنساني من خلال حصر توزيع المساعدات الإنسانية في المناطق المخصصة جنوب قطاع غزة، من أجل ترحيل السكان من مركز وشمال قطاع غزة إلى جنوب محور “موراج”.
  3. المرحلة الثالثة: وهي الاجتياح البري الواسع لاحتلال القطاع والمواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر، والسيطرة على الجغرافيا في غزة والبقاء فيها، وإدارة معارك مع جيوب المقاومة في قطاع غزة.

تحديات توسيع العملية العسكرية

تواجه العملية العسكرية “عربات جدعون” تحديات كثيرة، لكن أهمها يكمن في مشكلة منظومة الاحتياط العسكري، فمعدل الالتزام بخدمة الاحتياط تراجع إلى ما بين 50% و70%.

وتتعمّق أزمة منظومة الاحتياط في مماطلة الحكومة بشأن تشريع قانون تجنيد لليهود المتدينين (الحريديم)، وفي الوقت نفسه هناك غياب لأي توجه في الحكومة لتجنيد الحريديم، وذلك أيضا في ظل غياب قانون يُنظم عملية تجنيدهم.

كما أن إطالة الحرب تشكّل عبئا كبيرا على قوات الاحتياط اجتماعيا واقتصاديا، وهناك من يشعر بالعبء الأخلاقي النابع من شعورهم بخطورة توسيع العمليات العسكرية على حياة الأسرى الإسرائيليين، وقد دفع هذا العبء عرائض الاحتجاج العسكرية التي صدرت في الأسابيع الأخيرة، التي تطالب بوقف الحرب والتوقيع على اتفاق لتحرير الأسرى الإسرائيليين.

ومن المهم الإشارة إلى أن أغلب استطلاعات الرأي استنتجت أن حوالي 65% من الإسرائيليين يعارضون توسيع العمليات العسكرية، ويفضلون وقف الحرب واستعادة الأسرى.

إعلان

وتواجه عملية “عربات جدعون” تحديا دوليا حول المساعدات الإنسانية للقطاع، لأن إسرائيل ترفض دخول المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الدولية أو الأمم المتحدة ومؤسساتها، ولتجاوز هذا النقد بادرت الولايات المتحدة بالتنسيق مع إسرائيل لتأسيس صندوق دولي برعاية أميركية، لدعم المساعدات الإنسانية في القطاع وإدارة عملية توزيعها في منطقة الجنوب فحسب.

فرصة التوصل لاتفاق في غزة

أفضت المباحثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس إلى اتفاق للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر عشية زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، وهو ما أنعش مسار المباحثات مرة أخرى، وقد اضطرت إسرائيل إلى إرسال وفد للدوحة للتباحث حول اتفاق أو هدنة للحرب.

لكن نتنياهو أعلن أن سقف المباحثات بالنسبة للوفد الإسرائيلي هو “مقترح ويتكوف”.

ويقصد نتنياهو بمقترح ويتكوف ذلك المقترح الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية، والذي لم يعلن ويتكوف أبدا أنه مقترحه، وطُرح في مباحثات القاهرة خلال شهر مارس/آذار الماضي، وينص على إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات في اليوم الأول من هدنة مدتها 40 يوما، وإطلاق سراح النصف الآخر في اليوم الأخير من الهدنة إذا تم الاتفاق على صيغة لوقف الحرب.

وأرسل نتنياهو وفدا يدفع نحو التفاوض حول هذا المقترح الذي يهدف إلى إفشال المباحثات لا إنجاحها، كما أن الوفد ليس عالي المستوى، ويرأسه غال هيرش منسق شؤون المحتجزين والمفقودين في مكتب وزير الحكومة، وهو مقرب من نتنياهو، ولا يحظى بثقة عائلات المحتجزين الإسرائيليين.

سيناريوهات

يمكن بناء على ما سبق رسم مجموعة من السيناريوهات التالية: 

  • السيناريو الأول: التوقيع على مقترح ويتكوف، وهو ما ترغب به إسرائيل، لكنه غير مقبول من حركة حماس، لأنه يدفعها للتخلي عن نصف الأسرى الأحياء وخسارة ورقة تفاوض قوية أمام إسرائيل، كما أن الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب والتي تشكّل نزع سلاح الحركة لن تكون مقبولة على الأقل بدون تعهد إسرائيلي بالانسحاب الكامل من القطاع وفك الحصار عن قطاع غزة.
  • السيناريو الثاني: التوصل إلى اتفاق جديد ومقترح جديد يجمع بين الموقف الإسرائيلي من جهة وموقف حركة حماس من جهة أخرى، وينص على إطلاق سراح عدد أقل من الأسرى الإسرائيليين، وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع والتباحث الجدي حول وقف الحرب، وهو سيناريو وارد الحدوث لكنه يحتاج إلى تفعيل ضغط أميركي كبير على إسرائيل للموافقة عليه.
  • السيناريو الثالث: فشل المباحثات وتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وذلك في حال أصر كل طرف على مواقفه، وبالأخص إسرائيل التي لا تزال ترفض الانسحاب من القطاع ودخول المساعدات الإنسانية بواسطة المنظمات الدولية، وهو ما يعني في هذه الحالة أن إسرائيل سوف تعلن عن توسيع العملية العسكرية وتعود الأمور مرة أخرى لنقطة الصفر، وقد ينسحب الجانب الأميركي من الوساطة إذا لم يكن هناك تقدم في المباحثات.

إعلان

الخيار المفضل لإسرائيل هو الأول ومن ثم الثالث، أما الخيار المفضل لحماس فهو الثاني، ولنجاح المباحثات فإن إسرائيل هي العائق الأساسي، لا سيما أن اليمين الديني الاستيطاني يدفع نحو الحرب من أجل احتلال قطاع غزة والتهجير وبناء المستوطنات.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version