تشهد الساحة اللبنانية تصاعدًا في المواقف السياسية تجاه التصعيد العسكري بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، وذلك منذ بدء الحزب عملياته العسكرية في جنوب لبنان دعمًا لغزة. وقد دخلت البلاد في حرب “ضروس” تؤثر بشكل مباشر على جميع اللبنانيين بعد سنوات من الأزمات المتتالية، التي بدأت بالانهيار الاقتصادي عام 2019 وتفاقمت مع جائحة كورونا، ثم انفجار مرفأ بيروت عام 2021، وصولًا إلى الفراغ الرئاسي في 2022. هذه الأوضاع تجعل المواقف الداخلية أكثر حدة مع تزايد المطالبات بضرورة وقف الحرب والبحث في القضايا الداخلية، في ظل التأكيد من بعض القوى على عدم استنكار الصراع على أنه حرب خاصة بلبنان.

جاء التصعيد بعد عملية “طوفان الأقصى”، مما جعل بعض القوى السياسية يرى أن الأولوية اليوم هي لوقف الحرب قبل مناقشة القضايا الداخلية. حزب الله وحركة أمل يشددان على عدم إمكانية التفاوض تحت الضغط، وقد أوكل الحزب التفاوض لرئيس مجلس النواب نبيه بري. بينما أحزاب أخرى مثل “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحر” ترى أهمية انتخاب رئيس للجمهورية أولًا، مع الرغبة في فصل لبنان عن تداعيات الصراع في غزة. يوضح هؤلاء أنه يجب التفرغ لمشاكل الداخل قبل الغوص في أية نزاعات خارجية.

ويؤكد النائب قاسم هاشم أن الصراع مع الاحتلال ليس خاصًا بحزب الله، بل يشمل جميع اللبنانيين. يتناول هاشم دور المقاومة وما واجهته من اعتداءات إسرائيلية، مشيرًا إلى ضرورة فهم طبيعة الصراع الذي يستمر منذ عقود. ويتحدث عن أن العدوان الإسرائيلي تجاوز الحدود التقليدية، موضحًا أن المطلوب هو وقف العدوان وتطبيق القرار 1701 بشكل عادل، مع ملاحظة أن الجانب الإسرائيلي لا يلتزم به. ويعتبر أن غياب الإرادة الأميركية تشكل عقبة أمام تطوير الوضع الراهن.

على الرغم من الاختلافات الداخلية بين القوى السياسية، فإن الداعين للوحدة أمام الاعتداءات الخارجية لا يزالون موجودين. يقول وليد الأشقر من التيار الوطني الحر إن الأولوية يجب أن تذهب إلى مواجهة الاعتداءات الخارجية، على الرغم من تحفظاتهم على بعض السياسات الداخلية لحزب الله. يشير إلى أهمية الوقوف مع أي لبناني يقاوم الاحتلال، مما يعكس رغبة في تخفيف حدة الاستقطابات في هذه المرحلة الحساسة.

أما حزب الخدمات اللبنانية ممثلًا بشارل جبور، فيعتبر أن إعلان الحرب على إسرائيل هو من صلاحيات الدولة اللبنانية حصريًا، معبرًا عن رأيه بأن الحزب يتحمل مسؤولية كبيرة في الخسائر الجارية ويصف ذلك بـ “الخطيئة بحق لبنان”. يرى جبور أن ما يجري الآن هو في واقع الأمر حرب مفروضة من قبل إيران على الأراضي اللبنانية وهذا يتعارض مع مصالح لبنان.

ففي ضوء تزايد الاعتداءات الإسرائيلية، تؤكد القوى السياسية المختلفة أنها تتبنى مواقف متباينة لكن تسعى في النهاية لتحقيق وقف العدوان. هناك تأكيدات على أهمية استعادة السيطرة كاملة للجيش اللبناني وأن يلتزم لبنان بكافة القرارات الدولية. الموقف الموحد حول ضرورة وقف العدوان يعبر عن الصعوبات المعقدة التي تواجهها الدولة، والتي تتطلب جهودًا كبيرة من جميع الأطراف لإيجاد حل يوقف المعاناة ويحقق الأمن.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version