أثارت تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، خلال زيارته لمقر المساعدة الأمنية في فيسبادن بألمانيا، تساؤلات حول طبيعة الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا في صراعها مع روسيا. إذ أكد روته أن القيادة الجديدة للناتو ستوفر “فرقا حقيقيا” في ساحة المعركة، مشيرًا إلى أن الحلف سيعمل على تنسيق التدريبات وتوفير المعدات العسكرية بما فيها المدفعية والذخيرة وأنظمة الدفاع الجوي. وعبّر عن عزيمته على ضمان عدم تحقيق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأهدافه، مؤكدًا أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو هو “مسألة وقت”.
ورغم تفاؤل روته، إلا أنه تجنب مناقشة مسألة انضمام كييف دون أجزاء من أراضيها، مبينًا أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التفصيل وأن “الطريق إلى الناتو بالنسبة لأوكرانيا لا رجعة فيه”. وفي تفاعلاته، وصفت موسكو تصريحات روته بأنها “خدعة سياسية”، حيث انتقد فلاديمير جباروف من مجلس الاتحاد الروسي تدخل الناتو في النزاع، مشيرًا إلى أن تصريحات روته تهدف إلى طمأنة زيلينسكي، لكن ليس لها قيمة حقيقية، متوقعًا أن تكون هناك تحضيرات تدريجية لإخراج الناتو من فكرة قبول أوكرانيا كعضو.
من جهة أخرى، واعتبر دينيس كركودينوف، مدير مركز التنبؤات السياسية، أن تصريحات روته تأتي في سياق تأكيد دعم الناتو لأوكرانيا، لكنها في الأساس تفتقر إلى عمق التحليل، مشيرًا إلى أن الأمين العام السابق للحلف قال نفس الشيء. وفي معرض حديثه عن الانضمام، أوضح أن الناتو يشترط تحديد حدود أوكرانيا قبل الاعتراف بها، ويرى أن التذكير بهذا الأمر مجرد محاولة لاستفزاز روسيا للقيام بتنازلات معينة.
بينما أشار دميتري كيم، خبير الشؤون الدولية، إلى ضرورة أخذ تصريحات روته على محمل الجد، مرجحًا أنها تأتي في ظل عدم تحقيق السياسات الغربية في دعم أوكرانيا أي نتائج ملموسة. ورأى أن النبرة الجديدة قد تعكس قلق الناتو من فوز ترامب المحتمل في الانتخابات الأمريكية، وهو ما قد يؤدي إلى تحول في دور الولايات المتحدة في هذا النزاع. وجدد التأكيد على أن الناتو قد أحرز تقدمًا في الاستعداد لصراع محتمل مع روسيا، ولكن يظل السؤال مفتوحًا بشأن استعداده لحرب طويلة الأمد.
أوضح أيضًا كيم أن الرئيس الأوكراني يسعى لزيادة الاعتماد على الناتو من خلال استغل الفرص المتاحة للضغط على الحلف للدخول في صراع مع روسيا، مما قد يزيد من خطر الحرب النووية. ودعا إلى ضرورة مراقبة تغير Dynamics النزاع، نظرًا لتدهور الوضع الإقليمي وتراجع اهتمام الغرب باحتياجات أوكرانيا كما يعتقد الكثيرون.
خلاصة القول، تكشف تصريحات روته والردود الروسية اللاحقة عن استمرار الحذر والتوتر في العلاقات بين روسيا والناتو، حيث يعتقد كل طرف بضرورة الاستعداد لمواجهة أي تطورات في الصراع، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي. وتبقى ساحة المعركة في أوكرانيا مرآة تعكس تناقض الأهداف الاستراتيجية لكل من الناتو وروسيا، مما يزيد من تعقيدات الوضع الأمني الأوراسي.