مع فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بولاية ثانية، تصبح جزيرة تايوان مرة أخرى في دائرة الضوء العالمية. حيث أثار ترامب العديد من التساؤلات حول دعم الولايات المتحدة المستقبلي لتايوان، مشيرًا إلى ضرورة أن تدفع تايوان مقابل الدفاع الأميركي عنها. هذه التصريحات أطلقت العنان لتكهنات حول إمكانية إبرام اتفاق بين ترامب وتايوان، قد يُفضي إلى زيادة الإنفاق العسكري للجزيرة، الذي يُعد حالياً حوالي 2.6% من ناتجها المحلي الإجمالي. يأتي ذلك في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها شركة TSMC التايوانية في الولايات المتحدة، وهو ما قد يشجع ترامب على المزيد من الاستثمارات في تايوان.

التطورات الأخيرة في تايوان ولّدت ردود فعل سريعة من الجانب الصيني. حيث تعهد الرئيس التايواني “ويليام لاي” بمقاومة أي محاولات من الصين لضم الجزيرة، مما أدى إلى القيام بمناورات عسكرية صينية واسعة. هذه المناورات تأتي كجزء من تصعيد التوترات التي بدأت منذ تولي الزعيمة التايوانية السابقة تسai إنغ-ون حكم البلاد، وهو ما دفع الصين لاستعراض قوتها العسكرية من خلال سلسلة من المناورات في المنطقة.

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة. شاركت الولايات المتحدة والفلبين في مناورات عسكرية مشتركة، بيد أن هذه المناورات لا تعبر فقط عن استعداد أميركا لحماية حلفائها، بل أيضاً عن رغبتها في إرسال رسالة واضحة إلى الصين بأن لديها حلفاء قويين يمكنهم دعمها في حال تصاعدت الأوضاع. تشمل قائمة الحلفاء كل من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، مما يزيد من تعقيد التوترات القائمة في المنطقة.

تاريخياً، كانت الولايات المتحدة تُطبق سياسة حصار بحري حول الصين عبر إنشاء شبكة من القواعد العسكرية في المحيط الهادي، ما يفصلها جغرافياً عن حلفائها الرئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية. وهو ما يُعرف بسلسلة الجزر الأولى والثانية، حيث تُعتبر تايوان واحدة من النقاط الساخنة في هذا النظام. هذه الاستراتيجية الأميركية تهدف إلى تعزيز وجودها العسكري والتأثير في المنطقة، والحفاظ على استقرار الأمن القومي الأميركي.

من جانبها، تدرك الصين جدية هذه الإجراءات وتعمل على تعزيز دفاعاتها. على مدار العقدين الماضيين، قامت بتحديث قدراتها العسكرية وضمان تحالفات مع جيرانها مثل كوريا الشمالية وميانمار، لتعزيز إطار أمني يواجه النفوذ الأميركي في المنطقة. تُعتبر كوريا الشمالية بمثابة حاجز دفاعي للصين ضد التهديدات الأميركية، ويتم تعزيز التعاون العسكري بين الدولتين وسط التوترات المتزايدة.

علاوة على ذلك، تسعى الصين لتوسيع نفوذها الإقليمي من خلال التعاون العسكري مع روسيا، ما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي. تشهد العلاقات بين الصين وروسيا تعاونًا عسكريًا متزايدًا، من مناورات بحرية إلى تدريبات عسكرية مشتركة. هذه التحركات تُظهر تصميم بكين على بناء إطار دفاعي يتيح لها مواجهة أي تحديات محتملة من سياسة الحصار الأميركية، وتضمن لها المزيد من القوة في مواجهة التهديدات الأمنية، مما يشير إلى مستقبل غير مستقر في العلاقات الدولية في شرق آسيا.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.