يمثل الغزو البري الإسرائيلي للبنان تصعيدًا كبيرًا في الصراع القائم بين تل أبيب وحزب الله، حيث يناقش الخبراء من مجموعة الأزمات الدولية الوضع الحالي والرهانات المتعلقة به. في 1 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قامت إسرائيل بعملية عسكرية عبر الحدود إلى جنوب لبنان، بعد فترة من المواجهات مع حزب الله، والتي بدأت بتصعيد كبير عقب هجمات حركة حماس في 7 أكتوبر. وقد أكدت إسرائيل أنها بدأت شن غارات في الجنوب قبل الإعلان الرسمي عن الغزو، وهو ما يشير إلى نية واضحة لزيادة حجم الهجمات وتحقيق أهداف عسكرية أشمل.

أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل هو قطع الروابط بين حزب الله وحماس، حتى تتمكن من العمل بحرية في غزة دون القلق من تأثيرات الجبهة الشمالية. وقد تلقت إسرائيل دعمًا من الولايات المتحدة، مما عزز عزمها على مواصلة عملياتها العسكرية، رغم التكلفة البشرية العالية، حيث أفادت السلطات اللبنانية بأن أكثر من ألفي شخص قُتلوا وهُجر أكثر من مليون منذ بداية التصعيد. هذه العمليات أظهرت تدهور الوضع الإنساني في لبنان، مع ارتفاع أعداد الضحايا ونزوح العائلات.

على الرغم من الضغوط الشديدة التي يواجهها حزب الله، يتضح أن مقتل أمينه العام، حسن نصر الله، لن يؤدي بالضرورة إلى انهياره. تُعتبر هيكلية حزب الله متعددة الأبعاد، فهو ليس مجرد جماعة عسكرية بل كيان سياسي واجتماعي، مما يعني أن قدرته على الصمود ستستمر حتى في حال وفاته. التاريخ يدل على أن الحزب غالبًا ما ينجح في إعادة تنظيم صفوفه بعد الأزمات، وهذا ما بدأ يحدث بالفعل بعد التصعيد العسكري الأخير.

يظهر المزاج العام في إسرائيل دعمًا كبيرًا للغزو البري، حيث يعتبر المسؤولون أن هذا الضرورة القتالية مهمة لضمان أمن الحدود. هذا التوجه يأتي في سياق عمليات استعراض القوة الإسرائيلية التي شهدت قلقًا بشأن استراتيجيات رد الحزب. ومع ذلك، شهدت إسرائيل أيضًا تحديات مباشرة من إيران، مما أضاف بعدًا إضافيًا من التوتر إلى الوضع الإقليمي المعقد.

هناك مخاطر محدقة بإسرائيل جراء الغزو، فالتاريخ يظهر أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها من قبل في عمليات مشابهة عامي 1982 و2006. علاوة على ذلك، المخاطر تزداد كلما توسعت العمليات العسكرية على الأرض، حيث يفضل حزب الله استخدام استراتيجيات حرب العصابات، مما يجعل القوات الإسرائيلية عرضة للخسائر. تواجده في البيئة الجبلية تزيد من صعوبة العمليات العسكرية، مما سيزيد من تعقيد الأمور في حال استمر القتال لفترات طويلة.

أخيرًا، الغزو قد يحمل تداعيات سياسية عظيمة على لبنان. الخصوم المحليون ينظرون إلى الوضع كفرصة لتعزيز موقفهم المتعلق بسيطرة حزب الله على السياسة. ومع ذلك، هذا قد يؤدي إلى مزيد من التوترات الطائفية والصراعات الداخلية. تدهور الوضع الإنساني وأعداد المهجرين قد يجدد الاستقطابات السياسية والاجتماعية، مما يزيد من الصعوبات التي تواجه لبنان في إعادة الاستقرار، في حالة لم تُعالج الأمور بشكل سليم.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version