تشهد بلغاريا، وبالتحديد تسع مدن بينها العاصمة صوفيا، تحركات سلمية واسعة لمناهضة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وذلك يوم الاثنين القادم. وتشمل هذه المدن بلوفديف، بورغاس، فارنا، فيليكو ترنوفو، روسه، بليفن، ويامبول، حيث تأتي هذه التحركات بدعوة من حزب “فازراجدنه” القومي. يمثل هذا الحزب القوة الثالثة في البرلمان البلغاري، ويضم 38 نائبًا من أصل 240. ويتميز هذا التحرك عن السابق بأنه يعكس توجهًا أكبر من الجاليات الفلسطينية واللبنانية، حيث يأتي بدعوة رسمية من حزب يمثل جزءًا من النظام السياسي البلغاري.

في بيان نشره الحزب على موقعه، تم دعوة كل المواطنين البلغاريين الرافضين للانحياز في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، وكذلك الرفض للوبيات الأمريكية التي تعتقد الحزب أنها قادت البلاد إلى صراعات متعددة بما في ذلك الحرب في أوكرانيا. هذا البيان يعكس قلقًا متزايدًا لدى بعض الأوساط البلغارية بشأن تأثير الأزمة الجيوسياسية في المنطقة على بلدهم، وهو ما يبرز رغبة الحزب في تحشيد الدعم الشعبي لسياسته الداعية للحياد ولتجنب التورط المباشر في الصراعات.

كما أشار البيان إلى تصاعد حدة النزاع في المنطقة، محذرًا من المخاطر الجمة التي قد تتعرض لها بلغاريا بسبب انحياز النظام السياسي إلى الموقف الأمريكي. وذكر البيان الأهمية التي توليها الأحزاب السياسية لمواقف المجتمع الدولي، ولكنه أبدى استياءً من عدم الدعم الذي تلقاه حزب “فازراجدنه” من باقي القوى السياسية في البلاد بعد عرض وجهة نظره في اجتماع استشاري عُقد قبل 11 يومًا. وقد جاء هذا الاجتماع بدعوة من الرئيس رومن رادف، لكنه لم يحقق تجاوبًا مع توجهات الحزب.

إضافةً إلى ذلك، يبرز البيان عدم رضا الحزب عن موقف الحكومة البلغارية، داعيًا إلى التعبير عن موقف شعبي يعكس الرغبات الحقيقية للشعب تجاه قضاياهم. الحزب يعتزم التواصل المباشر مع المواطنين للدفاع عن موقفه، خاصة بعد الفشل في إقناع الأحزاب الأخرى بدعمه. وفي ظل هذا السياق، تتضح الحاجة إلى طرح قضايا الحرب والسلم أمام المواطنين في بلغاريا بما يتوافق مع تطلعاتهم ومخاوفهم من تداعيات هذه الصراعات.

في المقابل، قامت الجاليات العربية في بلغاريا، بجهود واضحة لتعزيز المشاركة في هذا التجمع السلمي. حملات توعية واسعة النطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي تدعو أفراد الجاليات العربية للمشاركة الفعالة في التجمع المزمع تنظيمه من قبل حزب “فازراجدنه” في صوفيا. هذه الجهود تعكس تضافرًا للقوى الرافضة للحروب، وتنادي بالسلام ووقف العنف في المنطقة، مما يبرز الحاجة للتضامن الإقليمي والدولي.

إن هذه التحركات السلمية في بلغاريا تمثل نقطة تحول في الشكل الذي يتم به التعبير عن مواقف الشعب تجاه صراعات الشرق الأوسط. تظهر مجددًا تأثير القضايا الإقليمية على الواقع السياسي المحلي، وتؤكد على أهمية الحوار والمشاركة المدنية في التعبير عن الرأيات المختلفة. وهذا ما قد يؤدي إلى إعادة توجيه الاهتمام إلى المخاطر المحتملة الناتجة عن الصراعات الجارية، ويحفز النقاش حول خيارات السياسة الخارجية البلغارية نحو المزيد من الاستقلالية والحياد.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.