بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عادت المخاوف المتعلقة بالعلاقات الأوروبية الأميركية لتظهر من جديد، لا سيما أن أوروبا لا تحتفظ بذكريات جيدة عن فترة حكمه السابقة. وقد عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، حيث تواصل مع المستشار الألماني أولاف شولتس لمناقشة سبل تعزيز التعاون الأوروبي. وأكد ماكرون ضرورة أن تبحث أوروبا عن وسائل لتحقيق مصالحها بشكل مستقل، في ظل توقعهم انتهاء دعم ترامب المستمر لهم.

معروف أن ترامب كان يضغط على الدول الأوروبية لدفع المزيد من الأموال مقابل الدفاع الأميركي عنهم، كما أبدى نوايا لفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الأوروبية، مما زاد من توجس الأوروبيين. إضافة إلى ذلك، يشكل الصراع المستمر في أوكرانيا نقطة خلاف محتملة بين الأوروبيين وإدارة ترامب، التي تتطلع إلى إنهاء الحرب من دون تفاصيل دقيقة، مما يثير قلق القارة العجوز بشأن أمنها القومي.

في سياق النصيحة للدول الأوروبية، جاء حديث مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي دعا إلى عدم الذعر المبالغ فيه وتجنب حالة الإنكار. ورغم القلق من فوز ترامب، يؤكد ليونارد على أهمية تنسيق المصالح الأوروبية المشتركة في مجالات الأمن والدفاع والتجارة، مُشددًا على ضرورة اعتماد الأوروبيين على أنفسهم لحمايتهم من الضغوط الاقتصادية والأمنية.

من جانب آخر، تعتبر سيليا بلين من معهد “بروكينغز” أن إدارة ترامب ستطرح تحديات غير مسبوقة لأوروبا، خاصة في القضايا المتعلقة بالصراع الأوكراني وحلف الناتو. وتسلط بلين الضوء على أهمية أوكرانيا كاختبار حقيقي في العلاقات بين الجانبين، معتبرة أن الأوضاع قد تفرز انقسامات عميقة بين الدول الأوروبية حول كيفية التفاوض أو الاعتراف بالمكاسب الروسية.

سيكون على ترامب مواجهة عقبات داخل حزبه من تيارات متعددة، تتراوح بين من يريد سياسة أميركية مهيمنة، وآخرين يفضلون التركيز على الشؤون الداخلية أو على القضايا الصينية. في ظل هذه الديناميات، يجب على القادة الأوروبيين تجنب الاتصالات الثنائية التي قد تضعف موقفهم، والعمل على بناء استراتيجية منسقة ومعالجة موحدة لتقديمها للولايات المتحدة.

بشكل عام، تتطلب الأوضاع الجديدة التي فرضها فوز ترامب إعادة نظر من قبل الدول الأوروبية بشأن استراتيجياتها الدفاعية والعلاقات الدولية. فالحاجة إلى تعاون مشترك وبناء رسالة واضحة ومُنسقة ستكون حاسمة في مواجهة التحديات التي قد تطرأ نتيجة سياسة ترامب وأولوياته المتغيرة، خاصة وأن أوروبا ملزمة بالاستعداد لواقع سياسي جديد يتطلب تنسيقًا متواصلًا وفعّالًا في قضاياها الداخلية وأمنها.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version