يبدو أن شهر أكتوبر/تشرين الأول يحمل ذكريات مؤلمة لإسرائيل، حيث تزامنت الأحداث الدموية الأخيرة مع الذكرى السنوية لحرب أكتوبر 1973. بدأت هذه الذكرى الجديدة في السابع من أكتوبر 2023 بعمليات هجومية نفذتها كتائب القسام ضد مستوطنات غلاف غزة، مما أدى إلى ارتفاع حصيلة القتلى الإسرائيلية بشكل كبير. ووفقًا لتقارير صحفية، فإن شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024 شهد معدلات غير مسبوقة من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها العملياتية في غزة ولبنان، خاصة في ظل التوسع في جبهات القتال واستمرار الخسائر البشرية.

تشير الإحصاءات إلى أن عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2024 قد بلغ 145 قتيلاً، مما يجعله الشهر الأكثر دموية على مدى السنوات الأخيرة. وتنوعت أسباب القتلى بين المعارك المباشرة والهجمات الصاروخية التي نفذها حزب الله في لبنان. وفي الداخل، عانت إسرائيل من هجمات قاتلة في عدة مناطق، مما أدى إلى فقدان حياة مدنيين وعناصر من أجهزة الأمن، مما يعكس تصاعد حدة الصراع وتأثيراته على المجتمع الإسرائيلي.

علاوة على الأعداد الكبيرة من القتلى، تواجه إسرائيل تحديات نوعية في الأمن القومي، حيث كشفت الهجمات عن ثغرات في نظم الدفاع الجوي. ويبدو أن الصواريخ الإيرانية من طراز “فتاح-1” قد وصلت إلى أهداف عسكرية في العمق الإسرائيلي، بما في ذلك قاعدة “نيفاتيم” الجوية، مما يزيد من قلق إسرائيل بشأن قدرتها على حماية نفسها. كما أن العمليات التي نفذها حزب الله بشكل منظم ومُحكم، تثير تساؤلات حول جاهزية القوات الإسرائيلية وقدرتها على التعامل مع تهديدات متعددة في آن واحد.

في سياق تطورات الحرب، تناقضت التوقعات حول العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. على الرغم من التخصيص الكبير للموارد والجنود، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من إحراز تقدم ملموس في السيطرة على المناطق، مما أدى إلى تساؤلات حول فعالية خططهم العسكرية. بينما تمكن حزب الله من تدمير مجموعة من المعدات العسكرية الإسرائيلية، مما يسجل انتصارات في مواجهة القوات الإسرائيلية، ويعزز من شعور المقاومة في المنطقة.

يتزايد القلق داخل الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية، حيث تشير التقارير إلى أن استمرار القتال قد يؤدي إلى كلف بشرية باهظة. ويعبر محللون إسرائيليون عن قلقهم من تآكل الشرعية الدولية لإسرائيل، وتزايد الضغوط على قوات الاحتياط، بل وعودة سكان الشمال إلى منازلهم. كما يعكس الوضع الحالي فشل الحكومة الإسرائيلية في تحقيق استقرار وهدوء للمجتمع، مما يزيد من مشاعر فقدان الثقة بين الحكومة والشعب.

مع ازدياد الضغوط، تبرز مسألة “اليوم التالي” بعد انتهاء الحرب كأحد أكبر التحديات أمام إسرائيل. فالمقاومة في غزة ولبنان تظل معرضة للاستمرار في النشاط حتى في ظل التركيز العسكري الإسرائيلي. وهذا يطرح تساؤلات حول ما سيكون عليه الوضع بعد النزاع، وما إذا كانت إسرائيل ستنجح في تحقيق أهدافها في إخضاع المقاومة أو تجريدها من قدرتها العملياتية. وعلى الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنية المقاومة، تبقى الإجابة غائبة عن كيفية التصرف بعدها، مما يعني أن الصراع سيستمر في معالجة الأمور على المستوى العسكري والسياسي بشكل متزايد.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.