أشار موقع “تي آر تي وورلد” إلى ضرورة تحقيق “محو أمية إعلامية” في ظل التحيز الواضح الذي يظهره الإعلام الغربي تجاه الرواية الإسرائيلية، كما برز ذلك بوضوح خلال الأحداث الأخيرة في غزة. وقد أكدت الكاتبة إديب بيزا كاغلار أن هذا التحيز لم يعد جديداً، بل يعود لأكثر من نصف القرن، لكنه أصبح أكثر وضوحاً منذ بداية شهر أكتوبر 2023. تبين كاغلار أيضاً أن هذا التوجه يتسم بإعادة تدوير السردية الصهيونية من قبل وسائل الإعلام الغربية، مما يؤدي إلى إلقاء اللوم على الضحايا وتجريدهم من إنسانيتهم، وهو أمر يبدو أنه لن يتغير في المستقبل القريب.

وفي هذا السياق، أشار غريتشن كينغ، الأستاذة المشاركة في الجامعة اللبنانية الأميركية، إلى أن وسائل الإعلام التقليدية الغربية تسهم في حشد التأييد للسياسات الإسرائيلية، مما يعكس تاريخاً طويلاً من التحيز. وأشارت كاغلار إلى أن الحكومة الأميركية ليست بعيدة عن هذا الإشكال، حيث تتهم بإصدار رسائل متناقضة حول موقفها من الشرق الأوسط، بينما تستمر في دعم الاحتلال الإسرائيلي. هذه التصرفات تشكل جزءًا من سياسة تعزز من النشاط العسكري الإسرائيلي، وفقاً لإشارات براشار، المستشار السابق لمبعوث السلام في الشرق الأوسط.

تحدث براشار عن كيف أن الولايات المتحدة تخدع الرأي العام العالمي، حيث تبث روايات تتماشى مع المصالح الإسرائيلية، رغم اعقابها بمناشدات عامة لوقف إطلاق النار. واعتبر أن البيان الرسمي من الإدارة الأميركية ليس سوى وسيلة لمنح إسرائيل فترة إضافية للاستمرار في حملتها ضد الفلسطينيين، بينما تبقى الحقيقة مغيبة. وأعرب عن استغرابه من دور الولايات المتحدة في الدفاع عن إسرائيل، وفي الوقت نفسه الادعاء برغبتها في تحقيق سلام حقيقي.

وصف كينغ حملة إسرائيل على غزة بأنها إبادة جماعية تتكشف أمام أعين العالم عبر وسائل الإعلام، مشددة على أن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل تم توثيقها بشكل متزايد من قبل النشطاء وصحفيين، مما يجعل من الصعب إنكار تلك الحقائق. لكن على الرغم من ذلك، لا تزال إدارة بايدن تتبنى خطاباً ينفي وقوع جرائم حرب، مما يدفع براشار إلى التساؤل عن مدى جدية هذه التحقيقات عندما تأتي من جانب المعتدين أنفسهم.

لمواجهة التحيز الإعلامي، دعت كينغ إلى أهمية التفكير النقدي ومراقبة كيفية تشكل الرأي العام، مشيرةً إلى ضرورة البحث عن بدائل لوسائل الإعلام التقليدية والاعتماد على مصادر موثوقة. واعتبرت أن هناك حاجة ملحة لمحو الأمية الإعلامية في المجتمع، لتمكين الأفراد من فهم الأجندات السياسية المخفية، والعمل على انتقاد وسائل الإعلام الغربية في كل فرصة ممكنة، ما يعكس أهمية نشر المعرفة حول استراتيجيات الصحافة.

أظهرت التقارير الحديثة تراجعاً حاداً في ثقة الأميركيين في وسائل الإعلام التقليدية، حيث أبدى 31% فقط من المستطلعين ثقتهم في تقديم الأخبار بدقة. وفي ظل هذا الوضع، انتقلت شريحة كبيرة من الجمهور نحو وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يزيد من ضرورة البحث عن بدائل لمصادر الإعلام المهيمنة. لكن كينغ حذرت من أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست هي الحل الكامل، حيث يجب أن تكون مصحوبة بإستراتيجيات أخرى لضمان توفير معلومات دقيقة وغير متحيزة. وأكدت على أهمية وجود منصات إعلامية مستقلة، بدلًا من الاعتماد على وسائل الإعلام التي يمكن أن تكون خاضعة للتأثيرات التجارية والسياسية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version