في الذكرى الـ34 لاستقلال إريتريا، ألقى الرئيس أسياس أفورقي خطابًا تناول فيه التطورات الراهنة في منطقة القرن الأفريقي، مع تركيز خاص على الأزمة الإثيوبية التي تمثل نقطة محورية في الاستقرار الإقليمي.

جذور الأزمة الإثيوبية

أوضح أفورقي في خطابه أن إثيوبيا عانت لفترة طويلة من تدخلات خارجية متكررة أثرت بشكل عميق على مسيرتها السياسية والاجتماعية. وأشار إلى سياسات الولايات المتحدة التي استمرت لأكثر من 80 عامًا، والتي هدفت إلى تحويل إثيوبيا إلى وكيل إقليمي لخدمة مصالح القوى الكبرى.

كما نوه إلى دور الاتحاد السوفياتي السابق خلال الحرب الباردة في تفكيك الدولة الإثيوبية، عبر دعم سياسات تقسم المجتمع الإثيوبي على أسس عرقية.

واعتبر الرئيس الإريتري أن هذه التدخلات المستمرة منعت بناء دولة وطنية جامعة، وأدت إلى اعتماد نظام فدرالي عرقي عمّق الانقسامات والصراعات الداخلية التي لا تزال تلقي بظلالها حتى اليوم.

الحصاد - دلالات اتفاق إثيوبيا وإريتريا على تطبيع العلاقات بينهما

صراعات معلنة وأجندات خفية

رغم موجات التفاؤل التي أعقبت ما وصفه أفورقي بـ”الإصلاح المزعوم” في إثيوبيا قبل 7 سنوات، لم تتوانَ القوى الخارجية التي ترى في هذا التوجه تهديدا لمصالحها، عن إطلاق سلسلة من الحروب تحت شعارات متعددة، تشمل قضايا المياه والنيل، والبحر الأحمر، ومحاولات الوصول إلى الموانئ البحرية، إضافة إلى إشعال النزاعات العرقية المختلفة.

وأشار أفورقي في خطابه إلى أن مطلب إثيوبيا بالوصول إلى البحر الأحمر يستخدم ذريعة لتأجيج الصراعات في المنطقة، مؤكدا أن استغلال مثل هذه القضايا الحساسة، بما فيها ملف المياه والنيل، كأدوات للتحريض على النزاعات، يمثل تهديدا حقيقيا لاستقرار القرن الأفريقي.

كما تناول أفورقي ما سماه الاستغلال السياسي لبعض الأيديولوجيات، مثل ما يُعرف بـ”أيديولوجية أوروما” التي لا تعبر عن حقيقة شعب الأورومو، إضافة إلى الصراعات بين المجموعات القومية المختلفة مثل الكوشيين والساميين، واستغلال منطقة العفر كساحة لصراعات مفتعلة.

وأوضح أن هذه الصراعات مدعومة بشراء الأسلحة الحديثة، وتمويلات داخلية وخارجية، بالإضافة إلى استخدام الحرب النفسية والإعلامية لتشويه الحقائق وبث الفوضى.

موقف إريتريا ودعوة لضبط النفس

أكد أفورقي أن هذه المؤامرات لم تكلّف الشعب الإثيوبي إرادته الصلبة، الذي بدأ يعبر بوضوح عن رفضه للتدخلات الخارجية التي تعيق استقراره. وشدد على موقف إريتريا الثابت الداعم لأمن واستقرار إثيوبيا، ورفضها التدخلات الأجنبية التي تزيد تعقيد الأزمة.

ودعا الرئيس الإريتري القوى الخارجية إلى التوقف عن التدخل في الشؤون الإثيوبية، محذرا من استمرار استغلال بعض العناصر الداخلية لهذه التدخلات، ومناشدا الجميع إلى الابتعاد عن الأعمال التخريبية التي تهدد استقرار المنطقة.

تحديات إقليمية تتطلب تعاونا مشتركا

يأتي خطاب أفورقي في وقت تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي تصاعدا في التوترات نتيجة النزاعات الداخلية والتدخلات الخارجية، مما يشكل تهديدا للاستقرار الإقليمي بأكمله.

ويعكس الخطاب رؤية إريترية ترتكز على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، مع دعوة صريحة لتعاون إقليمي حقيقي من أجل مواجهة التحديات المشتركة وتعزيز السلام والاستقرار.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version