تشكل القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) إحدى القيادات العسكرية الأساسية لوزارة الدفاع (البنتاغون)، والمسؤولة عن العلاقات العسكرية والعمليات في 53 دولة أفريقية. تأسست هذه القيادة على خلفية تزايد الاهتمام الأميركي بأفريقيا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وفي ضوء التوسع الصيني. وشهدت تطورا ملحوظا مع إنشاء مرافق دعم عبر القارة، تمهيدا لتعزيز السيطرة والنفوذ الأميركي في هذه الرقعة الإستراتيجية من العالم. من الأحداث الحاسمة التي بلورت الوجود العسكري الأميركي في أفريقيا كانت الهجمات “الإرهابية” في السابع من أغسطس/آب 1998.

بسبب عدم وجود قاعدة عسكرية أميركية دائمة في أفريقيا آنذاك، اضطر ما يزيد على 900 عميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي للسفر إلى المنطقة للمساعدة، مما عزز دعوات تحسين الاستجابة الأميركية للتهديدات في أفريقيا. في يناير/كانون الثاني 2000، كتب ضابط عسكري أميركي تقريرا يقترح إنشاء قيادة أفريقية مستقلة عن القيادة الأوروبية المركزية. تم بدأ البنتاغون بتبني فكرة تأسيس قيادة أمنية موحدة في أفريقيا، ممهدا الطريق لإنشاء “أفريكوم” التي تم إعلان جاهزيتها الكاملة في أكتوبر/تشرين الأول 2008. في إعلان تأسيس أفريكوم، أكد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن أهدافها الإستراتيجية في تعزيز التعاون الأمني مع أفريقيا ودعم الأهداف المشتركة في التنمية والديمقراطية.

أثارت “أفريكوم” تساؤلات خلال جلسات استماع في الكونغرس إبان إنشائها، حيث تم التشكيك في ضرورتها وتأثيرها على الموارد الأميركية. بدأت المخاوف تظهر من احتمال تجاوز سلطات “أفريكوم” التفويض الأساسي وتأثيرها على الجهود المدنية والدبلوماسية. على الرغم من ذلك، فإن البعض يرون أن “أفريكوم” ستكرس الاهداف الإستراتيجية الأميركية وستساهم في تحقيق الاستقرار والأمن في القارة. تعاني “أفريكوم” من تحديات جوهرية في تحقيق أهدافها المتغيرة بمرور الزمن، والتي تم تبديلها عدة مرات منذ تأسيسها من مكافحة الإرهاب إلى التوسع الصيني ثم السيطرة على مناطق غير الخاضعة للحكومة فضلا عن التطرف العابر للحدود.

في تطور آخر، تم تأكيد القاعدة الجوية لأفريكوم في النيجر بسبب موقعها الإستراتيجي الذي يربطها بوسط أفريقيا وغرب أفريقيا وشمال أفريقيا، مما جعلها موقعا مثاليا للقواعد العسكرية. تأكدت الأهمية الإستراتيجية للقاعدة في تعزيز الأمن الإقليمي وفي مكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي. بهذا التطور، يبدي الخبراء الاهتمام بكيفية تطوير الوجود العسكري الأميركي في منطقة الساحل وكيف يمكن تحقيق أهداف أفريكوم بفعالية متزايدة. في حال فقدت الولايات المتحدة القاعدة الجوية لأفريكوم في النيجر، فإن الخطوة المقبلة قد تكون التحول نحو الساحل الغربي لأفريقيا.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version