في ظل التصعيد العسكري الجاري في لبنان، يواصل الجيش الإسرائيلي الترويج لفكرة أن العمليات العسكرية تهدف إلى إعادة الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم بسبب الحرب إلى مناطقهم الحدودية. ومع ذلك، تشير الوقائع إلى أن العديد من هؤلاء الأشخاص لا يبدون رغبة في العودة لبلداتهم الأصلية عقب انتهاء الأعمال القتالية. على الرغم من مرور أكثر من عام على معركة طوفان الأقصى، لا يزال نحو 120 ألف إسرائيلي، منهم 70 ألفاً من الجليل الأعلى، بعيدين عن منازلهم، مما يبرز تصاعد القلق من طبيعة العودة إلى تلك المناطق وبقاء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في حالة غير مستقرة.

تشير التجارب الشخصية للأفراد المهددين بالعودة إلى ديارهم، مثل عيدو أدلر الذي تم إجلاؤه من كريات شمونة، إلى الإحساس بعدم الأمان والرغبة في بدء حياة جديدة بعيداً عن المناطق المعرضة للخطر. عيدو، الذي يخوض مرحلة جديدة من حياته مع عائلته في مستوطنة رمات يشاي، يجد صعوبة في قبول فكرة العودة إلى وطنه السابق بعد أن فقد عمله ومصدر رزقه. إن قضيته تعكس مشاعر العديد من الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن نحو 70% من المسجلين لا يخططون للعودة إلى المستوطنات التي غادروها بسبب فقدان الأمن.

بالإضافة إلى ذلك، يكشف الاستطلاع الذي أجري من قبل معهد “مأجار موحوت” عن فشل الحكومة الإسرائيلية في تلبية احتياجات المجتمع الإجلاء. فقد أعرب 50% من المشاركين في الاستطلاع عن عدم تلقي الدعم الكافي والرعاية في مجالات التوظيف والموارد الاجتماعية. ونتيجة لهذا، تراجع الوضع الاقتصادي للعديد من هؤلاء الأشخاص، حيث تشير الأرقام إلى أن نسبة من يعملون بدوام كامل قد تراجعت من 67% إلى 39%، مما يؤكد ضغوطات سوق العمل المنهكة.

تتعارض هذه النتائج مع موقف الجيش الإسرائيلي الذي يعتقد أن معظم الأشخاص المهددين بالعودة سيتمكنون من استعادة حياتهم الطبيعية قريباً، وذلك بعد إعلان انتهاء العمليات العسكرية في شمال لبنان. لكن المحللون العسكريون يشيرون إلى أن الوصول إلى حل دائم يتطلب معالجة القضايا السياسية إلى جانب العسكرية، من أجل منح الأسر الإسرائيلية الثقة اللازمة للعودة إلى منازلها.

غير أن العائلات المهددة بالعودة لا تتوقع أن تحل الإجراءات الحكومية مشكلاتها الاقتصادية. المحامية تالي نير، التي ترأس جمعية تعمل على توفير فرص العمل لمن تم إجلاؤهم، تشير إلى خطورة الوضع الحالي، حيث يعيش 32% من المهددين بلا عمل، مما يمثل تهديداً للأمن الاقتصادي والاجتماعي. كما تعتقد أن هذه الأزمة الاقتصادية ليست مجرد حالة شخصيه وإنما تمثل تحدياً وطنياً يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي على المدى الطويل.

على الرغم من التحديات الراهنة، هناك فرص للإصلاح والنمو إذا تم استخدام الوقت بشكل صحيح لدعم العائلات المحتاجة. فتح برامج التدريب المهني والدعم النفسي يمكن أن يسهم في تجهيز هؤلاء للأعمال المستقبلية. وفي ظل الخطط الجديدة، من الأهمية بمكان أن يشمل الدعم الحكومي جميع المجالات لضمان عودة آمنة ومثمرة للأسر وتمكينها من البناء مجدداً على ما فقدته خلال الحرب.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.