يعبّر الطلاب الفلسطينيون القاطنون في الأردن عن مشاعر الانتماء وعمق العلاقات بينهم وبين الأردنيين، كما يتضح من حديث الطالب محمد أبو حصيرة القادم من قطاع غزة، الذي فقد العديد من أقاربه نتيجة العدوان الإسرائيلي. يشير أبو حصيرة إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجهه، حيث منع الاحتلال الطلاب الغزيين من العودة إلى ديارهم، مما زاد من معاناتهم خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء والاتصالات في غزة. هذا الوضع يترك الطلاب في حالة من القلق المستمر على عائلاتهم، حيث انقطعت الاتصالات لفترات طويلة، مما يجعل الاطمئنان عليهم أمراً صعباً.
تؤكد أوضاع الطلاب الغزيين في الأردن أنها في غاية الصعوبة، حيث يعاني الكثير منهم من فقدان عائلاتهم كلياً أو جزئياً. يوضح أبو حصيرة أن نحو 400 طالب وطالبة في عمان يعيشون ظروفاً مادية ومعنوية قاسية بسبب الحرب المستمرة. لم يتواصل أبو حصيرة مع أهله إلا مرتين في الشهر، ويحتاج هو وزملاؤه إلى دعم مالي ومعنوي لمساعدتهم على تجاوز هذه الأوقات العصيبة. يشدد على أن عدم القدرة على العودة إلى غزة يزيد من معاناتهم ويعزلهم عن عائلاتهم وأحبائهم.
بدوره، يسلط الناشط التربوي نور الدين نديم الضوء على مشاركة الأردنيين في مساعدة الطلاب الغزيين، حيث يقدم الكثير من الأشخاص المساعدة بشكل طوعي. ويشير إلى وجود العديد من الطلبة المرضى الذين يحتاجون لعلاج، خاصة الأطفال الذين يتلقون الرعاية المطلوبة من الحكومة الأردنية. كما يؤكد أن الجمعيات الأردنية العامة والخيرية قد قامت بمبادرات واسعة لتقديم الدعم المطلوب للطلاب وتغطية تكاليف دراستهم، مما يعكس التضامن الأردني مع القضية الفلسطينية.
تجسد هذه اللحظات الطيبة بين الشعبين عن روح الأخوة والتآزر خلال الأزمات. حيث يذكر الحطاب، الذي قدم إلى الأردن لعلاج زوجته، تجربته الإيجابية مع الأردنيين، الذين بادروا بتقديم المساعدة دون أن يُطلب منهم ذلك. ويظهر ذلك روح التعاون والمودة بين الأردنيين والفلسطينيين الذين يعيشون في أحلك الظروف. هذه الأنماط من الدعم السريع تدل على قدرتهم على مشاركة المعاناة والاهتمام بقضايا بعضهم البعض في الأوقات الصعبة.
من جانب آخر، ينضم المهندس موسى الساكت إلى قائمة الفعاليات المساعدة، حيث أطلق مبادرة لصندوق حياة للتعليم، تهدف لدعم الطلاب القادمين من غزة والقدس. يؤكد الساكت أن هذه المبادرة تندرج ضمن المسؤولية المجتمعية، وتحمل في طياتها دعمًا للطلبة لتحسين أوضاعهم ومساعدتهم في مواصلة دراستهم. هذا الالتزام يعبر عن الوعي الجماعي بالتحديات التي يواجهها الطلاب في ظل الأزمات القاسية المترتبة على العدوان، ويدل على روح العمل الجماعي لتخفيف أعباء الحرب عن كاهلهم.
في الختام، يمكن القول إن الأوضاع المتوترة في غزة هي مصدر قلق بالغ لمن هم في الخارج، لكن مبادرات الدعم والمساعدة التي تتجسد في الأردن تجسد روح الأخوة والتعاون. إن انخراط المجتمع الأردني في دعم أشقائه الفلسطينيين يعكس مدى الترابط التاريخي والجغرافي بين الشعبين، ويظهر أيضًا دور المجتمع المدني في مواجهة الأزمات، مما يبني جسوراً من الأمل والدعم بين المجتمعات المتضررة.