شهد المسجد الأقصى خلال موسم الأعياد اليهودية، الذي انتهى مؤخراً مع عيد العُرش، تصعيداً ملحوظاً في الانتهاكات من قبل المستوطنين تحت حماية شرطة الاحتلال. وقد أغلقت سلطات الاحتلال باب المغاربة، المخصص لاقتحامات المستوطنين، مما أسفر عن تطور خطير في الأوضاع الأمنية في القدس، حيث اقتحم المسجد نحو 5980 متطرفاً يهودياً، مسجلاً بذلك زيادة نسبتُها 4.3% عن العام الماضي و18% مقارنةً بعام 2022. وقد وقعت هذه الانتهاكات في سياق تاريخي يهدف إلى تعزيز وجود المستوطنين في الأقصى تحت مبررات دينية، مما يثير مخاوف على الهوية الإسلامية للمسجد.

الانتهاكات التي تمت خلال عيد العُرش، شملت طقوساً متطرفة ومعادية، وقد تم توثيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بجماعات الهيكل. وكان من بين هذه الانتهاكات تقديم القرابين النباتية، والقيام بطقوس النفخ بالبوق، وأداء صلاة جماعية. ولقد أظهر المتطرفون جرأة في تنفيذ هذه الطقوس، بل وحصلوا على دعم كامل من قبل شرطة الاحتلال. وقد تجرأوا على الغناء والتصفيق على أبواب المسجد، مما يعكس تصاعد الانتهاكات ضد المصلين.

مع اقتران هذه الأحداث، قام الباحث زياد ابحيص بتحليل هذه الاعتداءات على أنها جزء من جهود المستوطنين في تأسيس نوع من السيطرة الرمزية على الأقصى. وأشار إلى أن الجماعات المتطرفة تستهدف الساحة الشرقية للمسجد كمنطقة غير رسمية للعبادة، مما يدل على مساعيهم لتغيير هوية المسجد بالكامل، واعتباره كنيسًا يجسد أسطورة الهيكل المزعوم. ومثلما يُعتبر النفخ في البوق رمزاً لبدء السيطرة، فإن هذه الأنشطة تعكس محاولة لفرض وجودهم بشكل أوسع.

تدعو الهيئات الإسلامية في القدس إلى ضرورة التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات المتزايدة، حيث لم يعد بإمكانها تجاهل ما يحدث في الأقصى، بسبب تهديدات حقيقية وغير مسبوقة لأثره التاريخي والديني. واعتبرت هذه الهيئات أن الاعتداءات المقترفة تعد انتهاكاً صارخاً للقيم الدينية والتاريخية للمسلمين، محذرة من تداعيات ذلك على مستوى الأفراد والدول العربية والإسلامية.

عيد العرش، الذي يمثل مناسبة دينية هامة لدى اليهود، وضع القدس والمسجد الأقصى في دائرة الانتهاكات الصريحة. لكن وراء هذا الصراع السياسي والديني هناك جذور تاريخية، حيث يستند اليهود إلى روايات دينية تربطهم بالأقصى، ويعتبرون أن لهم الحق في بناء الهيكل المزعوم. بينما يظهر ذلك كتهديد واضح لقدسية المسجد من منظور الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم.

يأتي هذا الوضع في إطار سياق سياسي متوتر تشهده المنطقة، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى تقديم الدعم للمستوطنين واحتواء الأزمات المتعلقة بالقدس. ومع تزايد هذه الانتهاكات، يشعر الفلسطينيون بحالة من اليأس والغضب، مما يضع المدينة المقدسة تحت ضغط دائم. يحتاج الوضع إلى استجابة ملموسة من المجتمع الدولي، قبل أن تتحول الانتهاكات لواقع دائم، يهدد الهوية الإسلامية للقدس والمقدسات الأخرى.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.