أعلنت هيئة التراث عن اكتشاف دلائل استيطان بشري في كهف أم جرسان “بحرة خيبر” في منطقة المدينة المنورة، وذلك بالتعاون مع العديد من الجهات البحثية المحلية والدولية. تم إجراء مسوحات أثرية وتنقيبات في الكهف ضمن مشروع الجزيرة العربية الخضراء، وأظهرت الدراسات التي نُشرت في مجلة “plos one” أن الأدلة الأثرية في الموقع تعود إلى العصر الحجري الحديث وتمتد حتى فترة العصر النحاسي والبرونزي. تم تأريخ البقايا العظمية والأدوات بواسطة الكربون المشع c14، مع اكتشاف بعض المعثورات الأخرى مثل الخشب والقماش والأدوات الحجرية.

كشفت الهيئة عن تفاصيل حياة الجماعات الرعوية التي استخدمت الكهف كمسكن وكنقطة استيطان، حيث عثر على بقايا حيوانات مختلفة مثل الضبع المخطط والجمال والخيل والغزال والوعل والماعز والبقر، وكانت البقايا جميعها في حالة جيدة على الرغم من مرور آلاف السنين. تم تحليل البقايا البشرية للكشف عن نمط الغذاء والتغذية لهذه الجماعات، حيث تبين اعتمادهم على اللحوم كمصدر أساسي، وظهور دلائل على استهلاكهم للنباتات مع مرور الزمن، مما يشير إلى ظهور الزراعة في المنطقة.

كشفت الدراسة أيضًا عن تنوع الحياة البرية في المنطقة عبر العصور، حيث وجدت آثار متنوعة لحيوانات مثل الأبقار والأغنام التي كانت تتغذى على الأعشاب والشجيرات البرية. وظهرت وجهات عدة للفن الصخري تمثل رعي الماشية والصيد، مع تصورات لمختلف أنواع الحيوانات البرية. كما تم اكتشاف مجموعة من الجماجم البشرية والتحف الأثرية الأخرى في الكهف، مما يشير إلى عمق التاريخ الحضاري للمنطقة.

بفضل التحليلات العلمية الدقيقة التي أُجريت على البقايا العظمية والأدوات والتحف التي تم العثور عليها في الكهف، توصل الباحثون إلى استنتاجات هامة حول حياة الجماعات البشرية القديمة وغنى الكهف بالعديد من الحيوانات والموارد الطبيعية. كما لفتت الهيئة إلى أهمية الكهوف كمواقع أثرية توفر نوافذ على حياة البشر القديمة ومسارات الصهارة البركانية القديمة في المملكة العربية السعودية.

تعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها في مجال البحث الأثري بالكهوف في المملكة العربية السعودية، وتمثل خطوة هامة نحو فهم أعمق لتاريخ المنطقة وثقافتها ونمط الحياة القديمة التي عاشها السكان الأصليون في هذه البقعة. من المتوقع أن تسهم هذه الدراسة في إثراء المعرفة الأثرية والتاريخية حول المملكة وتعزيز التواصل بين الجهات البحثية لدراسة حضارات العصور القديمة في المنطقة العربية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version