تم النشر في: 

لم تكن السدود المائية القديمة مجرد أماكن لتخزين المياه وإعادة توزيعها على المزارع، بل مثلت عرفًا اجتماعيًا عريقًا في منطقة عسير منذ مئات السنين يدل على التكافل الاجتماعي والتعاون بين جميع أفراد المجتمع لما فيه الصالح العام.

السدود المائية القديمة المعروفة بـ”الكظايم” كانت من أبرز طرق ري المزارع قديمًا من خلال جداول زمنية تضمن وصول الماء لجميع المزارعين بالقدر نفسه، وفي أوقات متفق عليها تخضع لقوانين اجتماعية صارمة وملزمة .

ويشير الباحث الدكتور صالح أبوعراد إلى أن “الكظايم” عبارة عن عيون مائية عذبة كانت جارية في الماضي، تُسمى واحدتها كُظَامَه، وهي تسمية فصيحة لأنها مأخوذة من كظم الماء أي حبسه، وتمتاز بأن لها مجار خاصة مبنية تُسمى محليًا الدبول، وتكون في العادة مدفونة تحت تراب المزارع التي تمر بها، وتمتد من مكان العين أو المصدر المائي إلى المزارع البعيدة عنها لغرض ريها وسقي مزروعاتها، وقد تكون هذه الكظايم لتصريف المياه الزائدة لاسيما في مواسم الأمطار.

ويمكن وصف “الكظامة” بالسد المائي الصغير الذي يقع أسفل العيون أو الينابيع ويُغلق بالأحجار والطين وعند امتلائه بالماء يقوم المزارع بفتحه من نقطة معينة تسمى “الخرزة” ليسقي مزرعته.

وفي حديثه لوكالة الأنباء السعودية “واس” يستعرض المزارع عبدالرحمن الشهري في أحد المواقع القديمة للكظايم طرق إنشائها قديمًا وكيفية استخدامها وتوزيع الماء المحبوس فيها بين المزارعين، ويؤكد أن العُرف الاجتماعي الذي يحدد طرق الاستفادة منها، من أبرز أدلة التكافل والتعاون، مبينًا أن مصادر المياه تعد هي المحدد الأول لموقع السكن والعمران ولذلك تجد التجمع البشري قديمًا يتركز حول مواقع جمع المياه التي تسمى”الكظايم” وهي سدود صغيرة تبنى بالأحجار والطين ثم توضع لها منافذ لتصريف المياه تغلق عادة بما يسمى “العتلة” التي تكون من مكونات البيئة المحيطة سواء من الأحجار أو جذوع الأشجار، وعادة ما يأتي المزارع صباحًا ويفتح هذا المنفذ لسقي مزرعته في حال كان الدور عليه”.

وقال: “إن الجميع يلتزم بشكل كامل باليوم المحدد له في احترام لما يتم الاتفاق عليه مسبقًا وهذا من مظاهر التعاون والتكافل الاجتماعي، ويسمى هذا الجدول الزمني بـ”المشاربة” أي أن لكل شخص نصيب معين من الماء يتحدد حسب مساحة مزارعه”.

ومع تطور الزمن وإنشاء السدود الحديثة تقلص الاهتمام بـ”الكظايم” التقليدية حيث لم تعد تفي بحاجة المزارعين نظرا لاتساع مساحات المزارع وتطور تقنيات الزراعة، ولذلك أصبحت من الآثار المهمة التي يحافظ عليها بعض المزارعين.

وتضم منطقة عسير حاليا أكثر من 60 سدًا مختلفة الأحجام والسعات التخزينية من المياه، يبرز في مقدمتها “سد الملك فهد” الذي يقع على ضفاف وادي بيشة حيث تبلغ سعته التخزينية 325 مليون متر مكعب ويبلغ ارتفاعه 103 أمتار، فيما يبلغ طوله عن القمة 507 أمتار، ويبلغ عرضه عند القاعدة حوالي 80 مترًا، وتبلغ مساحة بحيرة التخزين حوالي 18 كيلومترًا، وزود السد بأربعة أنفاق لصرف المياه، يتم التحكم فيها بواسطة 6 بوابات منزلقة، وصمامين سدادة، كما زود بـ 6 مجموعات من أجهزة الرصد والمراقبة المختلفة لمراقبة سلامة واستقرار جسم السد.

ويعد سد وادي أبها من أشهر السدود في منطقة عسير ويقع غرب المدينة، ويصل طوله إلى 350م وارتفاعه إلى 30م و له سعة تخزين بحيرة من الماء يصل مخزونها إلى 2,130,000 م3.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version