مراسلو الجزيرة نت
موسكو – تشهد العاصمة الروسية موسكو اليوم الخميس انعقاد منتدى الأعمال الروسي القطري، بالتزامن مع زيارة رسمية لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولقائه الرئيس الروسي فلادمير بوتين، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع مجالات الشراكة بين البلدين في عدد من القطاعات الحيوية.
ويُعد المنتدى، الذي تنظمه وزارة التجارة والصناعة القطرية ونظيرتها الروسية بالتعاون مع مؤسسة “روس كونغرس”، منصة إستراتيجية لمناقشة آفاق التعاون الثنائي، واستكشاف فرص جديدة في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا، وسط مشاركة واسعة من مسؤولي البلدين ورجال الأعمال.
ويأتي هذا الحدث في وقت تتجه فيه العلاقات الاقتصادية بين الدوحة وموسكو إلى مستويات جديدة من التنسيق، في ظل رغبة مشتركة في تنويع الشراكات وتوسيع قاعدة المصالح المتبادلة، خصوصًا في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية الدولية.
سمو الأمير لدى وصوله إلى العاصمة موسكو في زيارة رسمية إلى #روسيا الاتحادية الصديقة#قنا #قطر pic.twitter.com/5geeOzzRMm
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) April 17, 2025
محاور المنتدى من الطاقة إلى التكنولوجيا
يركز المنتدى، الذي يتضمن ثلاث حلقات نقاشية رئيسية، على تطوير التعاون في قطاعات متنوعة تشمل الرعاية الصحية، والصناعات الدوائية، والسياحة، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى مجالات ناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنيات المعلومات، وتطوير البنية التحتية للطاقة والنقل.
ويسعى المنظمون من خلال هذه الحلقات إلى طرح مبادرات نوعية، والتغلب على الحواجز التجارية، وفتح أسواق جديدة أمام الشركات القطرية والروسية، إلى جانب تعزيز قنوات الاتصال المباشر بين مجتمع الأعمال في البلدين.
كما يُنتظر أن يُستكمل الحوار الاقتصادي عبر المشاركة القطرية في فعاليات كبرى تنظمها روسيا، مثل منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، ومنتدى “روسيا والعالم الإسلامي”، وأسبوع الطاقة الروسي.
شراكة إستراتيجية متنامية
تؤكد مشاركة وفد اقتصادي قطري رفيع المستوى في الزيارة الرسمية لأمير قطر، الاهتمام الكبير الذي توليه الدوحة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع موسكو، لاسيما في ظل تطور حجم التبادل التجاري، واستمرار المشاريع المشتركة رغم التحديات العالمية، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
ويشير الباحث في الاقتصاد الكلي، إيغور بلينكين، إلى أن الشراكة القطرية الروسية تشهد تطورًا متسارعًا، مؤكدًا للجزيرة نت أن انعقاد المنتدى في هذه “البيئة الإيجابية” من شأنه توفير منصة حيوية لتفعيل الشراكات الاستثمارية وتعزيز التفاهمات الاقتصادية.
ويلفت بلينكين إلى أن قطر تحتل موقعًا متقدمًا بين الشركاء الاقتصاديين لروسيا في منطقة الخليج، مشددًا على أهمية تطوير المؤشرات النوعية للتعاون، إلى جانب التوسع في المشاريع المشتركة القائمة.
#قنا_انفوجرافيك |
خبير روسي في شؤون الشرق الأوسط لـ #قنا: زيارة سمو الأمير لـ #روسيا صفحة مهمة ومرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين#قطرhttps://t.co/NfCmbAfpQD pic.twitter.com/Ary3alwiUl— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) April 17, 2025
استثمارات متبادلة واتفاقيات نوعية
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن قطر تُعد من أبرز المستثمرين في الاقتصاد الروسي على مستوى صناديق الثروة السيادية، ففي السنوات الأخيرة، ضخّ جهاز قطر للاستثمار استثمارات إستراتيجية في قطاعات مختلفة، منها:
- امتلاك 2.95% من رأسمال بنك “في تي بي” الروسي (2013).
- الاستحواذ على 24.99% من مطار بولكوفو في سانت بطرسبرغ (2016).
- شراء 25% من مشروع “ويسترين هاي سبيد ديامتر” (2021).
ويؤكد الباحث في الاقتصاد الدولي، سلافات يوسوبوف، للجزيرة نت أن المرحلة الجديدة من التعاون الثنائي ستتجاوز القطاعات التقليدية، لتشمل مشاريع في الطاقة المتجددة، وهندسة الكهرباء، وتدريب الكوادر الفنية المتخصصة، إلى جانب تطوير الشراكات في مؤسسات التمويل والبحث والتصميم الهندسي.
ويرى يوسوبوف أن اتفاقية الإعفاء من التأشيرات بين البلدين، والتي دخلت حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2020، أسهمت في تعزيز التبادل السياحي والاقتصادي، إذ استقبلت قطر أكثر من 100 ألف سائح روسي في عام 2024، في حين زار روسيا نحو 11 ألف مواطن قطري في العام ذاته.
ورغم التأثيرات الناجمة عن الأزمة الأوكرانية، التي دفعت الدوحة إلى تجميد توسيع استثماراتها في السوق الروسية مؤقتا، فإن الخبراء يتوقعون أن تسهم الانفراجات السياسية المحتملة في استعادة الزخم الاستثماري، لاسيما في ظل الرغبة الروسية في تعزيز علاقاتها مع شركائها غير الغربيين.
ويؤكد مراقبون أن الحوار القائم على الثقة بين قطر وروسيا، والاهتمام المتبادل بتوسيع العلاقات الاقتصادية، يشكلان أرضية صلبة لبناء شراكات أكثر تنوعًا واستدامة في المستقبل القريب.