في تحرك مفاجئ يعكس حجم المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة نووية، تدخلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاحتواء التصعيد العسكري غير المسبوق بين الهند وباكستان، الذي تفجّر عقب هجوم أودى بحياة 26 شخصا، معظمهم من السياح الهندوس، في إقليم كشمير المتنازع عليه.

باكستان والهند اتفقتا على وقف إطلاق نار كامل وفوري في 10 مايو/أيار بعد أيام من الهجمات المتبادلة (الفرنسية)

وقد أشعل هجوم 22 أبريل/نيسان فتيل أزمة حادة بين الجارتين النوويتين، حيث اتهمت نيودلهي جماعة “لشكر طيبة” المدعومة من إسلام آباد بالمسؤولية عنه، قبل أن تبادر بشن غارات جوية داخل الأراضي الباكستانية استهدفت ما وصفته بـ”معسكرات إرهابية”.

Locals stand on the debris of destroyed structures at the Government Health and Educational complex in Muridke about 30 kilometres from Lahore, on May 7, 2025, after Indian strikes. The death toll from Indian strikes on Pakistan has increased to eight, the country's military spokesman said on May 7, as India fired missiles at Pakistani territory and Islamabad vowed to "settle the score". (Photo by FAROOQ NAEEM / AFP)
المخاوف تصاعدت من أن النزاع الهندي الباكستاني قد يصل إلى استخدام الأسلحة النووية (الفرنسية)

وردّت باكستان بإطلاق مئات الطائرات المسيّرة في عمق الأراضي الهندية، وتحدثت تقارير عن مواجهات جوية مباشرة بين مقاتلات الطرفين.

واشنطن بدأت موقفها بالحياد ورفضت التدخل في الصراع ومع تصاعد الهجمات غيرت موقفها فجأة (الفرنسية)

وفي حين كانت المنطقة على شفا مواجهة شاملة، بدا الموقف الأميركي في البداية متحفظا، إذ صرّح نائب الرئيس جي دي فانس بأن النزاع “ليس من شأن الولايات المتحدة”، مكتفيا بالدعوة إلى التهدئة.

رغم التهدئة استمرت الاشتباكات المحدودة في بعض المناطق (أسوشيتد برس)

غير أن الأوضاع تغيرت بسرعة، بعد تعرض قاعدة “نور خان” الجوية القريبة من العاصمة الباكستانية لضربات صاروخية، مما أثار مخاوف واشنطن من أن تمتد الضربات إلى منشآت نووية أو قيادات عسكرية حساسة.

الجيش الهندي أبلغ في 10 مايو/أيار عن هجمات باكستانية جديدة على طول الحدود بين الجارتين (الفرنسية)

ودفعت هذه التطورات البيت الأبيض إلى إعادة تقييم موقفه، وباشرت الإدارة الأميركية، عبر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ماركو روبيو، وفانس نائب الرئيس الأميركي، سلسلة اتصالات رفيعة مع قيادات البلدين.

أفراد الأمن الباكستاني يُغلقون طريقا قرب قاعدة نور خان الجوية العسكرية بعد غارات هندية في 10 مايو/أيار (الفرنسية)

وتحدث فانس مباشرة مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بينما أجرى روبيو اتصالا مع قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير ووزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، إضافة إلى وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار.

باكستان شكرت ترامب علنا على وساطته في حين تجاهلت الهند الإشارة إلى أي دور أميركي (الفرنسية)

وبعد 4 أيام من الضربات المتبادلة التي استخدمت فيها الطائرات المسيّرة والصواريخ والمدفعية الثقيلة، أعلن الرئيس ترامب، عبر منصة “إكس”، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤكدا أن الولايات المتحدة قامت بوساطة مباشرة.

الهند امتنعت عن الاعتراف بأي تدخل خارجي (غيتي)

وقد رحبت باكستان بالاتفاق وأشادت بالدور الأميركي، في حين امتنعت الهند عن الاعتراف بأي تدخل خارجي، وأصرت على أن الاتفاق جاء نتيجة مفاوضات ثنائية.

الهدنة جاءت بعد تصعيد وصفه خبراء بأنه الأخطر منذ عقود (الأوربية)

وجاء إعلان الهدنة بعد تصعيد وصفه خبراء بأنه الأخطر منذ عقود، خاصة مع دخول الطائرات المسيّرة بقوة في ساحة المعركة، وتبادل الطرفين استهداف قواعد جوية حساسة.

متفجرات وحطام طائرة مسيرة بعد اعتراضها من قبل نظام الدفاع الجوي الهندي في 10 مايو/أيار (الفرنسية)

كما تحدثت مصادر استخباراتية باكستانية عن محاولات هندية لاستدراج إسلام آباد لاستخدام مقاتلات “إف-16” الأميركية الصنع، في خطوة قد تمنح نيودلهي ذريعة لتصعيد إضافي.

الهدنة لم توقف القتال تماما، إذ استمرت المناوشات بعد إعلان وقف إطلاق النار وسط شكوك في صمود الاتفاق (رويترز)

ورغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، استمرت الاشتباكات المتقطعة على جانبي الحدود في كشمير، حيث أفادت تقارير بوقوع خروقات من الجانبين.

شظية قذيفة هاون بعد قصف عبر الحدود قرب خط السيطرة بين باكستان والهند في الشطر الباكستاني (الفرنسية)

ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه الهند أجواء سياسية محتقنة، ودعم شعبي واسع لإستراتيجية رئيس الوزراء مودي المتشددة تجاه باكستان.

نقطة تفتيش مؤقتة على طريق المطار بعد سماع دوي انفجارات في سريناغار بكشمير الهندية في 10 مايو/أيار (الأوربية)

وفي المقابل، حذرت باكستان من أن أمنها القومي يتعرض لاستفزازات متعمدة، داعية إلى الحوار والاحتكام إلى الاتفاقات الدولية، لا سيما ما يتعلق بمعاهدة تقاسم المياه التي تشكل شريانا حيويا لاقتصادها الزراعي.

الأحداث الأخيرة بين الهند وباكستان تبقى تذكيرا بمخاطر التصعيد النووي وأهمية الوساطة الدولية للحفاظ على السلام (الفرنسية)

ورغم ما أبداه محللون من تفاؤل حذر بشأن سلوك الطرفين، خاصة مع اقتصار الهجمات على أهداف عسكرية وغياب الضربات الإستراتيجية الكبرى، فإن الوضع يبقى هشا وقابلا للانفجار في أية لحظة، في ظل استمرار التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات، وتصاعد النزعة القومية في البلدين، مما يثير مخاوف من عودة التوتر في حال فشل المساعي لبدء حوار جاد ومستدام.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version