أكد نائب السفير الصيني بالرياض ماجيان أن السعودية دولة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، وعضو محوري في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقوة مهمة في تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة.
وقال خلال لقائه عددا من الإعلاميين أمس: تمثل السعودية أحد أبرز ممثلي الأسواق، وعضو مجموعة الـ20، وتحتل مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي، وتعتبر الصين تطوير العلاقات مع السعودية أولوية في سياستها الخارجية في الشرق الأوسط.
وأضاف: في السنوات الأخيرة، تحت قيادة الدبلوماسية على مستوى القمة، تم تحقيق التكامل العميق بين مبادرة الحزام والطريق الصينية ورؤية السعودية 2030، وتعمق الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين، وحقق التعاون العملي نتائج مثمرة، وأصبحت الزيارات المتبادلة بين الشعبين كثيرة.
وأوضح نائب السفير الصيني أن حجم التجارة الثنائية تجاوز أكثر من 100 مليار دولار أمريكي لسنوات متتالية، لافتا إلى أنه يصادف هذا العام الذكرى الـ35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية، كما أنه العام الثقافي السعودي الصيني لأول مرة.
وقال: إن إنجاح العام الثقافي هو توافق مهم توصل إليه قادة البلدين، إذ سيعقد الجانبان مجموعة متنوعة من الأنشطة في مجالات الثقافة والفن والموسيقى والأفلام والكتب وغيرها من المجالات للعمل المشترك على تعزيز التبادلات الإنسانية بين البلدين لإطلاق المزيد من الحيوية وتحقيق المزيد من النتائج وتعزيز التواصل بين الشعبين إلى مستوى جديد.
وأشار في حديثه إلى أن العالم يواجه اليوم تغيرات كبيرة لم يشهدها منذ 100 عام، إذ تستمر الصراعات الإقليمية وتتراكم المشكلات الجديدة والقديمة في آن واحد، مما يعرض النظام التجاري القائم على القواعد لصدمات بالغة بشكل شديد.
وأوضح ماجيان أن بلاده تدعم جهود السعودية لتلعب دورا أكبر في الشؤون الدولية والإقليمية، وتتطلع الصين إلى العمل مع الجانب السعودي لمواصلة تقديم الدعم المتبادل وتعزيز الإنجازات المشتركة، وتعزيز التنسيق والتعاون في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والمنظمات المتعددة الأطراف، والتصدي المشترك للنزاعات الأحادية وممارسات التنمر، والدفاع عن المصالح الجماعية للدول النامية، وتعزيز التنمية العالمية المشتركة.
وتحدث نائب السفير الصيني عن التعريفات الجمركية الأمريكية، واصفاً هذه الإجراءات بالمخالفة لقواعد التجارة العالمية والتعسفية.
وقال: أعلنت الولايات المتحدة أخيراً، فرض التعريفات الجمركية بشكل تعسفي على جميع شركائها التجاريين بما فيهم الصين، تحت ذرائع مختلفة، الأمر الذي ينتهك الحقوق والمصالح المشروعة لكافة الدول بشكل خطير ويخالف قواعد منظمة التجارة العالمية بشكل خطير، ويشكل صدمة خطيرة على استقرار النظام الاقتصادي العالمي.
وأضاف: تعرب الحكومة الصينية عن استنكارها الشديد ورفضها القاطع إزاء ذلك، كونها تضر بالآخرين، وتعتبر التصرفات الأمريكية مخالفة للقواعد الاقتصادية الأساسية ومبادئ السوق، وتتغاضى عن ما تم التوصل إليه من توازن المصالح في المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف، وتتجاهل حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة قد ربحت كثيرا من التجارة الدولية منذ زمن طويل، وتتخذ التعريفة الجمركية كسلاح لممارسة الضغوط القصوى وكسب المصالح الأنانية.
وأشار ماجيان إلى أن القرار الأمريكي تنمر اقتصادي، وأن ما قامت به الولايات المتحدة من اللعبة الصفرية تحت ذريعة ما يسمى بالسعي وراء المعاملة بالمثل والتكافؤ، يكون بطبيعته السعي وراء أمريكا أولا والاستثناء الأمريكي، يهدف إلى إسقاط النظام الاقتصادي والتجاري الدولي القائم بوسيلة التعريفة الجمركية، ويضع المصلحة الأمريكية فوق المصالح العامة للمجتمع الدولي، ويخدم الهيمنة الأمريكية على حساب المصالح المشروعة لدول العالم، وهذا حتما سيجد رفضا واسع النطاق لدى المجتمع الدولي.
أخبار ذات صلة
وعاد للقول: إن تطبيق معدلات التعريفة التفاضلية من الولايات المتحدة ينتهك مبدأ عدم التمييز لمنظمة التجارة العالمية، ويقوّض النظام الاقتصادي والتجاري الدولي بشكل خطير، ويهدد أمن واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، كما يضر بالنظام التجاري متعدد الأطراف، ويؤدي إلى خسائر فادحة للاقتصاد العالمي وأسواق الأسهم المالية العالمية بما فيها السعودية، إذ تعرض مؤشر الأسهم السعودية لأكبر انخفاض له منذ عام 2020، بينما تراجع مؤشر أرامكو بأكثر من 6% في هذا الأسبوع، مما أدى إلى خسائر نحو 900 مليار دولار من قيمتها، كما تراجعت أسواق آسيا وغيرها بشكل جماعي وحاد، وفقدت سوق الأسهم الأمريكية 5.4 تريليون دولار.
وشدد في حديثه أن سلوك الولايات المتحدة في إساءة فرض التعريفات الجمركية يحرم جميع البلدان من حقوق التنمية، خصوصا الدول الناشئة، إذ يظهر تحليل بيانات منظمة التجارة العالمية أنه في ظل عدم التكافؤ في التنمية الاقتصادية والتفاوت في القوى الاقتصادية ستؤدي سياسة الولايات المتحدة بفرض التعريفات الجمركية إلى توسيع فجوة الثروة بين الدول، إذ ستعاني الدول الأقل نموا من تداعيات أكثر حدة، مما يلحق ضررا جسيما بجهود تحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
من ناحية أخرى، أدت إساءة فرض التعريفات الجمركية الأمريكية إلى تقلبات حادة في الأسواق، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من الفوضى في جانب العرض في الولايات المتحدة، ومزيد من ارتفاع الأسعار، وزيادة تكاليف الشركات بشكل كبير، ويقوض ثقة المستهلكين والمستثمرين، كما سيزيد بشكل خطير من مخاطر ركود الاقتصاد الأمريكي وتراجعه، مع العلم أن الصين تحافظ على مصالحها المشروعة بحزم، والنظام التجاري المتعدد الأطراف الذي تكون منظمة التجارة العالمية مركزا له.
وبين أن الصين بلد يتمتع بالحضارة العريقة ويشتهر بالآداب، ويتعامل الشعب الصيني مع الآخرين بالصدق والمصداقية ولا يثير المتاعب ولا يخاف منها، وأن الضغط والتهديد ليس الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين.
وذكر أن بلاده اتخذت الإجراءات الحازمة للحفاظ على سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية، ويجب أن تكون طبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة قائمة على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك.
ولفت إلى أن فرض الولايات المتحدة الأمريكية تعريفات جمركية إضافية بنسبة 50% هو خطأ جسيم يُضاف إلى الخطأ القائم، وهذه الخطوة تُظهر طبيعة الأفعال الأمريكية التي تتسم بالتنمر أحادي الجانب، والصين ستواصل اتخاذ تدابير حازمة وقوية لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة.
وقال: إذ كانت الولايات المتحدة عازمة على شن حرب تعريفات جمركية أو حرب تجارية، فإن الصين على استعداد للقتال حتى النهاية.
وأضاف: إن العولمة الاقتصادية طريق لا مفر منه لتطور المجتمع البشري، وقد قدم النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي تكون منظمة التجارة العالمية مركزا له والذي يقوم على أساس القواعد مساهمات اقتصادية وتنمية مستدامة، ويمثل الانفتاح والتعاون تيار التاريخ، ولن يعود العالم بل ينبغي ألا يعود إلى حالة الانغلاق والانعزال، إذ إن المنفعة المتبادلة والكسب المشترك أمران يتفقان مع تطلعات الشعوب.
وأكد أنه ينبغي معالجة الشؤون الدولية عبر التشاور بين الجميع، وينبغي أن تتحكم جميع الدول في مستقبل العالم ومصيره بشكل مشترك، لا أحد يخرج رابحا من حروب التجارة والتعريفة الجمركية، ولا مخرج للحمائية، وينبغي لكافة الدول أن تلتزم بمبادئ التشاور والتعاون والنفع للجميع، وتتمسك بتعددية الأطراف الحقيقية، وترفض سويا الأحادية والحمائية بمختلف أشكالها، وتحافظ على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها، ونحن نثق بأن أغلبية دول العالم التي تؤمن بالعدالة والإنصاف ستختار الوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ، وتتخذ خيارا يخدم مصلحتها الوطنية، وعلى العالم أن يحتضن الحق ويرفض الهيمنة. وزاد: ستفتح الصين بوابة الانفتاح على الخارج أوسع فأوسع، إن الصين كثاني أكبر اقتصاد وثاني أكبر سوق استهلاك للبضائع في العالم، ستفتح أبوابها على الخارج مهما كانت تغيرات البيئة الدولية، وسنواصل الدفع بالانفتاح رفيع المستوى على الخارج، وتوسيع الانفتاح المؤسسي في مجلات القواعد واللوائح والإدارة والمعايير بخطوات متزنة وتطبيق سياسات عالية المستوى لتحرير وتسهيل التجارة والاستثمار وتهيئة بيئة تجارية من الدرجة الأولى تقوم على قواعد السوق والقوانين والمعايير الدولية بما يشارك العالم في فرص التنمية ويحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك.