في بيئة تتسم بتعدد الجهات واختلاف أولوياتها؛ تتطلب المسؤولية المجتمعية اليوم أدوات قانونية مرنة، تنظم التعاون وتشجع عليه دون أن تُثقل الأطراف بالتزامات قانونية معقدة أو طويلة الأمد، ومن هذا المنطلق تبرز مذكرات التفاهم غير الملزمة قانونياً كخيار ذكي وميسر لتمكين الشراكات المجتمعية، حتى في مراحل التنفيذ.

لم تعد مذكرات التفاهم مقتصرة على العلاقات التمهيدية أو النيات العامة، بل أصبحت تستخدم في العديد من الشراكات التنفيذية، خصوصاً في المبادرات المجتمعية التي تتطلب تعاوناً سريعاً واستجابة مرنة للفرص، فهي تمنح الجهات إطاراً قانونياً منظماً وواضحاً حدد أدوارها ومجالات التعاون، دون أن يحمّلها التزامات تقاضٍ أو جزاءات تنفيذية.

هذا النوع من الإطار القانوني يمنح الجهات الطمأنينة القانونية والراحة الإدارية، إذ يمكنها الانخراط في شراكات مجتمعية دون الحاجة إلى المرور بإجراءات معقدة للموافقة أو مراجعات قانونية مطولة، وهو ما يشجع القطاع الخاص، والجهات الحكومية، وحتى الجمعيات على الدخول في شراكات فاعلة ومباشرة دون تردد.

تسهم «مذكرات التفاهم» أيضاً في بناء الثقة المتبادلة، وإدارة التوقعات بين الأطراف، وفتح المجال لتجربة التعاون قبل الانتقال إلى اتفاقيات أو عقود رسمية إن لزم الأمر، والأهم من ذلك أنها تُسرّع وتيرة العمل المجتمعي، وتسهم في تحقيق أثر ملموس على أرض الواقع دون تأخير.

من واقع التجربة؛ نجد أن كثيراً من المبادرات النوعية في المسؤولية المجتمعية (رعاية فعاليات، دعم برامج تمكينية، إطلاق حملات توعوية) تمت بنجاح كامل بموجب مذكرات تفاهم فقط. وهذا يُثبت أن الجدية والالتزام المؤسسي لا يرتبطان بالملزم قانونياً بقدر ما يرتبطان بالرغبة الحقيقية في التعاون وتحقيق الأثر.

إن تبنّي مذكرات التفاهم كإطار قانوني يمثل توجهاً استراتيجياً يُسهّل العمل، ويُعزز ثقة الأطراف، ويُتيح لهم مساحة مرنة للتحرك، بما يواكب طبيعة المسؤولية المجتمعية كمجال سريع التغير ومتعدد الأبعاد.

من هنا؛ فإنني أدعو الجهات كافة إلى تبني مذكرات التفاهم كأداة قانونية فعالة، ليس فقط كبداية تعاون، بل كوسيلة تنفيذية قائمة بحد ذاتها، تُحقق من خلالها المبادرات المجتمعية أهدافها دون عوائق قانونية أو إدارية.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version