في حياة أبي، رحمه الله، اتصلت بالصديق والأخ العزيز علي فقندش (الصحفي والإعلامي القدير)، قلت له: «يا أبا إدريس.. إن والدي معجب ببرنامج (أبواب) في إذاعة جدة، ومحبٌ أيضاً لمقدمه المذيع المتألق فريد مخلص».. لم تمضِ ليلتان إلا وأفاجأ به و«المخلص» على عتبة باب بيتنا.
وفي أيام سيئة الذكر «كوفيد_19»، كنا على وشك انطلاقة «بودكاست المركاز» (أواخر عام 2021) الذي أقدمه، كنت وقتها أود البدء بحلقة قوية ضيفها شخصية لها ثقلها مثل «فقندش»، فكيف يكون ضيفي رجلا يغادر المستشفى للتو بعد شفائه من داء «كورونا»، طرحت عليه الفكرة على مضض، لأجده على باب الاستديو لبدء التسجيل، فسجلت معه حلقتين من أروع ما سجلت.
قصتان من جملة حكايات «فقندش» تؤكدان لكل محبيه أنه شهمٌ مبادر، لا يكل من العطاء، جابرٌ للخواطر، منشغلٌ بمشكلات غيره وإن كلفه الأمر صحته وماله.. هكذا عرفت «فقندش» عن قرب.. وذلكم هو الرجل الذي ما فتئ يسأل ويساعد ويجامل البسيط الذي أنهكته الحياة.
منذ أن ودّع الصحافة ومعشوقته «عكاظ» متقاعداً.. تمردت عليه الظروف كثيراً، واليوم يداهمه المرض وبالكاد يتنفس، لكن صوتا داخليا يجعلني على يقين بأن إيمانه بالله ومحبته الساكنة في قلوب الناس ستمنحانه الأمان.
لقد ألجمتَ كل الكلام ولم يتبق لي سوى أن أقول: إن «الفقندش» أشبه بـ«الفنار» للتائهين ليستدلوا به في غياهب البحر للوصول إلى مراسيهم.. يحمل ذاكرة مكان وزمان ضمّت مسيرات من فنون وآداب وحكايات في طياتها سيّرُ لأسماء قضت نحبها وأخرى تنتظر.. هو حلقة الوصل بين صنّاع الفن والبهجة، والممثلين والمغنيين واللاعبين.. هو «الدينمو» الصانع للخبطات الصحفية، الموثق للأمسيات الفنية وحكايا الفن الجميل.
«علي» اليوم لا يقوى على التنفس، بالكاد يرى أمامه! هو في أمس الحاجة منا جميعاً للدعاء له هذه الأيام والليالي الفضيلة.
إنني مؤمن يا صديقي «علي» بأن كل الأمور في طريقها إلى الخير؛ لأنك باختصار: «عشت نبراساً للحب، للخير، وللطيبة، نبراساً غرفنا منه الكثير وما نزال».
أخبار ذات صلة